الثقة الملكية بمستقبل الوطن
د. عدنان سعد الزعبي
30-01-2021 09:27 PM
عمق التفاؤل الذي لمسناه بحديث الملك، وثقته بمستقبل، نتأمل جميعا ان يكون الافضل والاكثر مرونة، ونشد على يدي الملك للولوج اليه.
الملك الذي يؤكد على الدوام اعتزازه بالمواطن الاردني وبهذا الشعب الذي بنى هذا الوطن وترجم هذا البناء بهذه المؤسسية التي تشمخ على طول مساحات الوطن وعرضه واستطاع ان يترجم كل الظروف والتحديات التي واجهة هذا الوطن الى فرص كانت بمثابة الانطلاقة والقوى التي عزت من ثبات ومسيرة ابناء الوطن. انما يرسخ هذه المبادىء لدى شباب الوطن وبمقدمتهم ولي العهد الذي يرى فيه الملك شابا اردني متفتح مفعم بالاعتزاز الوطني وبابناء الاسرة الاردنية الواحدة منطلقا بقوة ، نحو بناء قاعدة العطاء تحت شعار الاردن يستحق اكثر.
نعم لقد اكد الملك ان الكثير ممن راهنوا على بقاء الوطن او استمراره، وان الكثير الذين نعوه باسوء الصفات وحاولوا الركوب على اجنحته، لكن الحقيقة كانت اقوى من كل المحاولات البائسة، فاثبت الاردني انه ابن وطن وقومية ورسالة، وان ثوابت الاردني ما زالت متجذرة منذ نشأت الوطن باعتباره وطن ثورة، ووحدة وقومية.
لقد كان الرهان صعبا وكان التوقع اصعب، لكن المتراهنون والضاربون بالتنجيم انصدموا عندما رفع الاردنيون شعار الاصلاح والبناء ومحاربة التمييز وعدم المساواه ولم ينزلقوا بمنحى الدم او العنف او تغيير النظام، والذي عبر وبكل معاني الصدق والصراحة وبالتالي القناعة المطلقة، ثبات الواقع السياسي ونظامه باعتبار ذلك قاسما مشتركا عند الجميع.
نحن نعاني، وهو امر لا ينكره احد، ابناؤنا يشكون ويصرخون من سوء الحال وهذا امر لا يخفى على احد لكن لا يوجد في اجندتنا جميعا ان ننقلب على ذاتنا او نصفع ظهور المجن، او نخلع ثوبنا لنلبس ثوب لا يروق لنا ولا هو من مقاسنا بغض النظر عن كل زركشاته والوانه المغرية التي يحاول فيها البعض الاصطياد بالماء المعكرة.
نحن بامس الحاجة لتعزيز التنمية والايجابة على اسئلةة محيرة ومؤلمة، الى متى سيبقى هذا الحال، فقد تحملنا بما فيه الكفاية وشاركنا اهلنا واشقاءنا مشاركة حقيقية جاءت بمزيد من الالم والتحدي على مستقبل ابناءنا وطبيعة برامجنا واستراتيجياتنا الحالية والمستقبلية دون ان نرى بان الاردن ورغم كل التضحيات يرفع يده او صوته ليقول لكل مجتمع طاقة وقدرة. لم نشهد حتى الان خطط حكومية مقنعة وقوية ومتقنة نحو التنمية الشاملة، لا سيما التنمية السياسية، التي تتطلب مشاركة جميع أطياف المجتمع في عملية صنع القرار، رغم ان الاوائل قد هيئوا لنا كل سبل النجاح وتحملوا انفسهم عقبات هذا الامل ليقدموه عبر المئة عام هدية خالصة لكل من احب واعتز بهذا الوطن ورفعه على رأسه تاجا يورثه من الاباء الى الابناء. فما نجده اليوم من تشريعات ومؤسسات راسخة وقوية.
هو من صنع من سبقونا، فماذا صنعنا نحن، وما الذي يكبل ايادينا ويعرقل انطلاقتنا، لنصل الى مار ادوا وتوقعوا فينا ولنا، وهل قمنا بما هو مطلوب لترسيخ العطاء الديمقراطي والحرية ومشاركة الشعب في الحكم وصنع القرار. وهل تجربتنا البرلمانية والتشريعية ناجحة لدرجة تؤهل لقيام مجلس مقنع وقادر على صنع التغيير بحكومات برلمانية واحزاب ثلاث يمين ووسط ويسار، تمثل التجربة العالمية المستنيرة؟ وهل ما زلنا نتمسك بضرورة التطوير المستمر لتعزيز المشاركة السياسية وزيادة مشاركة الأحزاب والشباب في البرلمان.
نحن نؤكد وبكل صراحة ما قاله الملك من النظر الى القوانين الناظمة للحياة السياسية، كقوانين الانتخاب البرلماني والأحزاب و الإدارة المحلية، والسعي المستمر ومواصلة مسيرة التنمية السياسية، والوصول إلى حياة حزبية برامجية راسخة، تمثل فكر الأردنيين وانتماءاتهم، وتحمل همومهم وقضاياهم الوطنية الجامعة، وتعمل من أجل تحقيق تطلعاتهم عبر إيصال صوتها وممثليها إلى قبة البرلمان.
وهنا فان اعادة التمحيص في الاداء الاعلامي الاردني ودور مؤسساته في هذه النهضة، بل ودور الاعلام في تربية وتعليم وتوعية وتثقيف ومراقبه وتنمية وتطوير المجتمع وبمختلف مجالات حياته، لنجد انفسنا اما تحد اكبر من ضعف وتراجع الاعلام وضعف الرؤية الاعلامية وفلسفته وتقهقره وانكفائه. فالاعلام هو قاعدة الانطلاق نحو الحرية وبالتالي المشاركة العامة، وهو العين التي تمحص في اداء المؤسسات وحالة الراي العام وفكر الناس وتطويره. فالاعلام يعاني من الضعف والتراجع ويحتاج الى نهضة تعزز ثقة الناس بدولتهم وبانجازاتها وبنفس الوقت تطوير فكر الاختيار والتعامل والمشاركة في انجاح برامج مؤسسات المجتمع الاردني.
في تاريخ الدولة الاردنية وفي مئويتها الاولى ننطلق لعمرها الفكري وامتداداتها التاريخية الممتدة جذورها عبر تاريخ الوطن العربي والاسلامي الكبير وفي عمر الزمان الممتد الى جذور العرب وعصور نهضتهم. فمبارك لكل اردني، وطوبى لكل من بنى مدماكا في البناء الاردني واحب وطنه وحرص على بقائه حرا طليقا لا يدنسه فكر قادم او مؤامرة مدسوسة، من حاقد او حاسد.