حسابات جائحة كورونا .. والمسؤولية المجتمعية
فيصل تايه
28-01-2021 02:06 PM
حسابات صعبة ودقيقة وضعتها دولتنا الاردنية عندما قررت العودة التدريجية للحياة، فقد آن الأوان للعودة الامنة بعد أن وجه جلالة الملك عبدالله الثاني الحكومة إلى فتح القطاعات بطريقة تدريجية مدروسة ، مع ضرورة مواصلة التزام الجميع بإجراءات السلامة العامة، للحفاظ على التحسن في الوضع الوبائي ، ما يتطلب جهوداً كبيرة ، فالمسألة شائكة وصعبة ولكن لا يمكننا إيقاف الحياة بسبب كورونا ، فهذا الفيروس باقٍ معنا ولا نعلم متى سيختفي بالرغم من المباشرة باخذ اللقاح لاعداد لا بأس بها من المواطنين ، لكن قد يبقى لفترة زمنية لا يُعرف مداها ولا عقباها ، وقد تظهر سلالات أخرى لا نعرف بعد شيء عنها ، لذلك ليس أمامنا سوى التأقلم معه واستكمال الحياة ضمن إجراءات وقائية تحمي مختلف شرائح المواطنين والمجتمع بأسره.
ووفقا للرؤى الملكية السامية ورغبة جلالة الملك بضرورة الاتجاه نحو الانفتاح الآمن ، فقد أعدت الحكومة إستراتيجيات متقنة وبروتوكولات ملزمة لكي لا تعود الأوضاع لسابق عهدها، كما حدث لعدة دول في العالم ، فما يعيشه العالم اليوم، ليس مجرد أزمة وبائية فحسب ، فالأزمة لها جوانب عديدة، وهي في أحد جوانبها أزمة إدارة ومعركة الوعي في المجتمعات، وهناك حكومات تتعاطى مع الموضوع بكل جدية، وتدير الأزمة بنجاح وشفافية ومسؤولية، وأخرى تتساهل فيه وتخفي الحقائق عن الرأي العام، وتفشل في إدارة الأزمة، ولا تبالي بالخطر الكبير الذي يهدد حياة البشر .
اما نحن هنا في الاردن ، لم نقصر لحظة في ادارة ازمتنا بروح من المسؤولية ، لكن ان يعود الوباء بالانتشار - لا قدر الله - بالشكل الذي يجبرنا للعودة للمربع الاول ، نتيحة تراخي وتهاون واستهتار البعض فهذا هو الكفر بعينة ما يتطلب إجراءات فورية وعاجله بحق هؤلاء العابثين بامننا الاجتماعي وكانه موضوع اغفال او تغاضي عن " نزوات ورغبات " فئة عديمة للمسؤولية، فئة غير ابهه لتبعات نكوصنا بالعودة للوراء ، اضافة الى ان المشكلة الحقيقية التي نعانيها عندما قررنا الوصول الى انفتاح تام ، لكن مشكلة البعض تكمن في توجههم نحو الفايروس ، وليس العكس .
أن الدول التي قررت العودة للحياة تعي تماما ماذا تفعل وكيف تدير الأمور؟، كون المسؤولية الكبرى تقع على عاتق الوعي المجتمعي الذي يحدد إلى أين تتجه الأمور، فإن التزم فهذا يعني نحن باتجاه العودة الكاملة، وإن لم يلتزم فإنه يعود إلى المربع الأول، كون انضباط المجتمع أو عدم التزامه بالإجراءات الاحترازية التي اتخذت لمنع تفشي الفايروس هو المقياس الرئيسي للوضع الصحي ، فمن المؤكد أن هذا مقلق جدا، وأن ذلك يدل على أن هناك سلوكيات غير منضبطة .
توجيهات الحكومة وارشاداتها لم تأت من فراغ كونها جاءت وفق قراءات بحثية طبية عميقة تدق ناقوس الخطر وتخوفا من العودة للوراء ، بيد ان عدم الاكتراث والتهاون من البعض يعتبر جريمة بحق المجتمع، لذلك فعلى كافة المواطنين الالتزام بالتدابير الاحترازية بما فيها التباعد الاجتماعي والجسدي ، إلا انه لم يكن هناك التزام بالقدر الكافي من المجتمع بالإجراءات الوقائية ، ولو شاهدنا في جولة نقوم بها في الاسواق لوجدنا عدم وجود مسافات أمان بين المواطنين ووجوه عارية من الكمامات وأيادي تصافح وتلمس كل ما حولها رغم وجود قرار بإلزام غير الملتزمين بوضع الكمامة بغرامات وفق امر الدفاع ١١ ، لكن الكثير من الناس لا يلتزم بتدابير الوقاية وكانهم مقتنعين ان كورونا خدعة دولية .
اعتقد اننا بحاجة لضرورة اتخاذ إجراءات أكثر صرامة على المخالفين وأصحاب السلوكيات غير المنضبطة بتدابير التباعد الجسدي ، وعلينا أن نعي جيدا أن الحكومة وفرت كل الإمكانات سواء إبان الإغلاق في الفترة السابقة والعودة التدريجية الى يومنا هذا ، وكل الإمكانات رهن إشارة المواطن ولم تتأخر الحكومة إطلاقا في التعامل مع الوباء وفق البروتوكولات الصحية العالمية، لتبقى مسؤولية المواطن ، فالحكومة قامت بدورها على أكمل وجه ونجحت وهو ما تؤكده الأرقام ، أما المواطن فعليه مسؤولية المحافظة على النسبة المنخفضة ، وأن تصرف البعض اللامسؤول يؤثر على الأرواح وعلى المؤشرات لا تستحق منا إلا الدعم.
واخيرا . يبقى مستوى الوعي والسلوك والثقافة لدى المجتمع الاردني في مثل هذه الحالات هو من أهم عوامل النجاح أو الفشل في مواجهة الأزمة، وهناك الكثير يملؤون الطرقات والأسواق والمقاهي، رغم خطورة التواجد في الأماكن المزدحمة، بالمقابل هناك آخرون ملتزمون بالقرارات التي تتخذها الحكومة كي لا ينتشر الفايروس، وأصحاب مستوى عال من الوعي والسلوك، ويلزم أفرادها البيوت، ولا يخرجون منها إلا للضرورة، ويراعون الظروف الطارئة الاستثنائية التي يمر بها العالم..
بقي ان اقول اننا هنا ندق ناقوس الخطر وفق المشاهدات في الايام الماضية ، فمتى تتوقف السلوكيات غير المنضبطة مع الجائحة؟ فما بين حقبة الإغلاق ، وزمن العودة والاستمرار في الانفتاح ، الاستهتار والتهاون الذي هو جريمة بكل المعايير.
ويبقى الدعاء "اللهم اصرف عنا الوباء، بلطفك يا لطيف، إنك على كل شيء قدير " خير الكلام