دعوا القطاع الخاص يعمل !!
عصام قضماني
22-04-2010 04:27 PM
الهجوم العنيف الذي شنه نائب رئيس الوزراء الدكتور رجائي المعشر على القطاع الخاص قبل فترة , له ما يبرره , لكنه يجب أن يحمل في ذات الوقت رغبة حكومية بمعالجة الأسباب التي قادت المعشر لتوجيه النقد وهي في مجملها تقع على عاتق الحكومة أولا وأخيرا .
أول هذه الأسباب هي تشتت القطاع الخاص , مع أن البعض يرى فيه تعددية مطلوبة , تغني العمل , الا أن المشكلة تكمن في مخرجات هذا التعدد وتشابكها مع المصالح الضيقة , وهي ليست سمة يتصف فيها القطاع الخاص بقدر ما تعود الى التداخلات التي جلبها الانفتاح قبل تأطيرها بقوانين هامة مثل المنافسة وفتح السوق على أسس عادلة أمام رأس المال الوطني دون تمييز , وفي مسألة القوانين لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تستوي الأمور مع وضع العربة أمام الحصان !!
وفي مسألة حوار القطاع الخاص مع نفسه , فان غياب هذه الحالة مردها الى دخول مؤسسات القطاع الخاص في فخ الفردية , التي أحالت المنافسة الى منافسة بين القيادات دون المؤسسات وهو ما جعل من طروحات ومخرجات القطاع الخاص كما الالات الموسيقية التي تعزف منفردة لحنا نشازا والأصل أن تكون مؤسسية ما يجعلها علمية تبتغي المصلحة الاقتصادية العامة وليس مصالح فئوية محدودة والسبب في مثل هذه الاختلالات يكمن في تداخل القونين والرغبات بشكل مشوه وبالضرورة أن تكون المخرجات مشوهة , وهو ما يعود في أصله الى تبدل الرغبات الحكومية وتعددها .
الإكتشاف الأخير بأن القطاع الخاص شريك منقوص , أغفل جانبا مهما وهو أن الحكومات أحيانا لم تكن تجيد فن الاصغاء , وفي أحيان أخرى كانت إنتقائية في أخذ المشورة بما يخدم رغباتها في تمرير قوانين أو تعليمات جديدة , والمسألة برمتها لم تغادر بعد مربع تبادل المنافع والمطالب وهو النهج الذي إعتاد القطاع الخاص على السير فيه بتشجيع حكومي لغايات حملات الضغط أحيانا وفي أحيان أخرى كان تغليبا لصوت على آخر .
القطاع الخاص كما هو معروف يتألف من مؤسسات مدنية سمحت القوانين والأنظمة الحكومية بنموها وعملت على تقويتها لتشكل لوبيات فاعلة ومؤثرة في القرارات والتشريعات الاقتصادية في ظل اقتصاد السوق , ولن يتسنى تحقيق ذلك ما لم يتم تعزيز المنافسة المتوازية في القطاعات المتنوعة الأمر الذي لا يستوي مع وجود أي نوع من أنواع الاحتكار حتى لو كان من شرائح في القطاع الخاص نفسه ما يجعل من باقي الشرائح خصوصا فئة رجال الأعمال الصغار في موقع المظلوم , أليس من واجب الدولة كجهة تنظيمية العمل على إزالة هذا الظلم بالقوانين .
الواقع الحالي للقطاع الخاص يدل على ان دوره في رسم السياسات والاستراتيجيات لا زال محدودا، ودون مستوى الطموح ما يحول دون قدرته على انتهاز الفرص وتطوير قدراته، وامكانياته بما يتلاءم مع شعار الشراكة الذي يتكسر كلما تعمقت البيروقراطية وينتعش كلما سادت روح القوانين والاجراءات وأزيل التشكيك .
نعم .. لا بد من شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص لكن على اسس من الاحترام المتبادل والشفافية وتكافؤ الفرص تحت مظلة القوانين وقبل ذلك ترك القطاع الخاص ليعمل .
qadmaniisam@yahoo.com
الرأي