اجتماع «أجندة دافوس» انطلق .. ولأول مرة منذ تأسيسه في العام ( 1971 ) يعقد افتراضيا «عن بعد»، وبمشاركة جلالة الملك عبد الله الثاني ونحو 25 زعيما ورئيس دولة وحكومة و أكثر من 2000 مشارك من قادة الاقتصاد والحكومات من 70 دولة. هذا المنتدى الاقتصادي العالمي الذي يوصف بأنه ( منتدى الصفوة السياسية والاقتصادية العالمية ) والذي استطاع مؤسسه البروفيسور كلاوس شواب، ان يجعل منه «قمة اقتصادية سياسية عالمية» هي الأهم، التي تجمع صناع القرار في العالم من سياسيين واقتصاديين ورجال اعمال ومجتمع مدني في مكان واحد لبحث قضايا هي بمثابة «جردة حساب» لعام مضى، واجندة عمل لتصورات القادم من أعوام.
منتدى 2021 الذي يعقد خلال الفترة من ( 25 - 29 كانون الثاني ) الحالي يقام تحت شعار (عام حاسم لإعادة بناء الثقة)، يبحث ما أحدثته جائحة كورونا من تداعيات على الصحة العالمية والانسانية والاقتصاد العالمي، وآليات التعاون للتصدي لهذه الجائحة، وايجاد حلول للانتقال الى مرحلة التعافي خلال المرحلة المقبلة.
يعقد المؤتمر هذا العام - وأحدث الارقام العالمية تقول وفقا لمنظمة العمل الدولية - ان جائحة « كوفيد - 19» تسببت بفقدان ( 255) مليون وظيفة في العام 2020، وان اقتصادات العالم جميعها قد تراجعت معدلات نموها - باستثناء الصين التي سجل اقتصادها نموا وان لم يتجاوز ( 2.3 %).
معظم المتحدثين - حتى الآن - في مؤتمر « دافوس 2021- الافتراضي» أكدت كلماتهم حالة عدم اليقين التي يمر بها العالم، فهناك ( تفاؤل حذر) في معظم الكلمات والتصريحات، وهناك اجماع على خسارة عالمية لم يرَ العالم لها مثيلا منذ 100 عام على الاقل - بحسب تصريحات الامين العام للامم المتحدة، وهناك تحذير من مغبة زيادة الخسائر البشرية والاقتصادية - رغم ظهور اللقاحات - اذا لم يكن هناك تعاون عالمي حقيقي في مواجهة هذه الجائحة ومساعدة الدول الفقيرة والاكثر فقرا، بل ان المطلوب اكثر من ذلك، وهذا ما عبرت عنه منظمة «أوكسفام» الخيرية في تقريرها السنوي الذي نشرته متزامنا مع موعد «دافوس» والذي دعت فيه الى فرض ضرائب على الاكثر غنى لمحاربة ما سمته «فيروس انعدام المساواة»، ودلّلت على ذلك في تقريرها بأن اصحاب المليارات شهدوا زيادة في ثرواتهم بمقدار 3.9 تريليون دولار بين 18 آذار و31 كانون الاول 2020.
«أجندة دافوس» مليئة بالعناوين التي ستكون مدار بحث نحو 100 جلسة، استعدادا للمؤتمر «الوجاهي» المقبل في سنغافورة «ايلول المقبل». وكلها سترسم توجهات العالم بعد عام من الجائحة، وتحدد الخطوط العريضة لسبل التعافي.
الأهم من كل ذلك بالنسبة لنا أن مشاركة جلالة الملك عبدالله الثاني في هذا المنتدى العالمي الابرز، تؤكد وتعزز مكانة الاردن، واحترام وتقدير العالم لشخص جلالة الملك، ولاهمية دور الاردن في المنطقة بجميع قضاياها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وترجمة ذلك واضحة وجلية بان الاردن قد استضاف نحو10 مؤتمرات عالمية لهذا المنتدى دون غيره من دول المنطقة (دافوس - البحر الميت).
«منتدى دافوس» شكل في العام 2019 نقطة انطلاق مهمة للاردن، قدم من خلالها خططه الاصلاحية للاقتصاد الاردني، مما مهد له الطريق لعقد مؤتمر لندن شباط 2019 والذي نجح فيه الاردن باقناع المجتمع الدولي بجدية برنامجه الاقتصادي والاستثماري، رغم أننا لا زلنا ننتظر ترجمة «مخرجات» ذلك المؤتمر على ارض الواقع.
(الدستور)