معادن الرجال والمناصب العامة
عبداللطيف الرشدان
26-01-2021 09:30 AM
الأصل انتقاء المؤهلين تأهيلا جيدا في مجال اختصاصهم بما يتناسب مع طبيعة المنصب العام وما يقتضيه من قدرات وخبرات وارادة فاعلة في التصدي للعمل العام وتحمل مسؤوليته والانصياع لسماع الرأي الاخر وتحمل النقد البناء والتوجيه سواء صدر ممن هو أعلى منه مرتبة او من الرأي العام الذي يتشكل من خلال الوسائل الاعلامية ومن خلال مجلس الأمة وما يقوله الشعب ويعبرون عنه اذا كان مفيدا وذات بال.
إذ ليس بمقدور اي انسان كائنا من كان ان ينفرد بالرأي ويعتقد انه دائما على صواب وان رأيه لا يقبل المناقشة والتحليل والتصحيح اذا دعت الضرورة لذلك حتى تكون القرارات تصب في المصلحة العامة دون تأخير او تباطؤ او هدر للمال العام والوقت والجهد على حد سواء.
وهذا متطلب اساسي للمسؤول الذي يريد أن يحصن قراراته وآثارها ويحقق منجزات فعلية تحظى بسداد الرأي المبنى على الدقة وحسن المشوره إذ ان اية مؤسسة عامة ليست ملكا او مزرعة لمن يديرها بطريقة عبثية ودون أدنى حس بالمسؤولية خاصة وان بعضهم يغادرون مواقعهم بعد أن يكونوا اثقلوا المؤسسات بالديون وهدر المال العام والقرارات الإدارية الفاشلة دون حسيب او رقيب وهكذا تتكرر الاسطوانة نفسها لمن بعدهم ويتم التراشق بعدها وتبادل الاتهامات وكل يحمل الاخر وزر ما آلت اليه الأمور.
ان من أصالة الرجال وجودة معدنهم حينما يتقلدون المناصب ان لا ينسفوا ما انجزه من سبقوهم وان يعترفوا بفضلهم وجهدهم وان يبنوا عملهم على ما سبق وأن يستكملوا المسيرة اذا وجدوا ان ما عمل كان صحيحا وموافقا للمصلحة العامة وان كان غير ذلك فعليهم تفنيد ما سبق وبيان أوجه العيب والنقص واخذ الإجراءات التصحيحية لتعديل المساروالوصول إلى جادة الصواب.
وبهذا يكون العمل عملا مؤسسيا مؤطرا وليس اجتهادات فردية قابلة للتغيير والتبديل في اي وقت يشاء المسؤول انصياعا لنزواته او خدمة لمصالح شخصية متبادلة او نكاية بالاخرين وإنما عمل تراكمي كل فيه يبني على إنجازات السابقين لأستكمال مسيرة العمل العام.