الجانب المظلم في اتفاقيات "العولمة"
سلامه الدرعاوي
22-04-2010 03:47 AM
مع انضمام الاردن الى منظمة التجارة العالمية واتفاقية الشراكة الاوروبية وغيرهما من اتفاقيات ادخلت الاقتصاد الاردني في نادي العولمة, والاستيراد ينمو بخطى متسارعة فاق الصادرات وتجاوز الفارق بينهما اكثر من 25 بالمئة في حين وصل العجز التجاري الى اكثر من 4.5 مليار دينار في بعض السنوات, وستكون لهذا الامر في السنوات القليلة المقبلة آثاره السلبية الكبيرة على الاقتصاد ان لم تكن هناك خطة لمواجهته.
اليوم بتنا دولة مستوردة بنسبة 95 بالمئة من احتياجاتنا, ونعتمد في اقل احتياجاتنا على الخارج, حتى صادراتنا الوطنية التي نتحدث عنها في خطاباتنا بزهو ما زالت قيمتها المضافة للاقتصاد الوطني ضئيلة للغاية ولا تتناسب مع حجم ما نتحدث به, ولا يوجد شيء جديد في القضية فالصناعات الوطنية كانت على الدوام ضحية الاهمال من قبل السياسات الحكومية التي دفعت بسرعة الرياح للانخراط بتيار العولمة من دون ادنى اجراءات احترازية لتنمية وتطوير القدرة التنافسية للصناعات الوطنية التي دفعت ثمن ذلك التسرع في الانفتاح الاقتصادي.
سياسة الانفتاح من دون ضوابط افرزت تداعيات سلبية على الاقتصاد الوطني بشكل عام وعلى معيشة المواطنين الذين باتوا بين ليلة وضحاها امام كم كبير من المواد الاستهلاكية المغرية لهم في اسواق مليئة بما لذ وطاب من السلع ما دفع الأسر الاردنية للتهافت على شرائها حتى لو كان ذلك بالدين, فاليوم المستهلك لم يعد يفرّق بين ما هو اساسي او كمالي في انفاقه, وإلا كيف نفسر وجود اكثر من اربعة ملايين بطاقة ائتمانية في جيوب المواطنين تقدر مشترياتهم السنوية بأكثر من مليار دينار, تلك مظاهر استهلاكية تتناسب مع مغريات الاسواق الكبيرة.
اما بالنسبة لدخل الافراد فلم يتناسب نموه مع حالة النمو الحاصلة بالانفاق, على العكس تماما فقد كانت الموجات المتتالية لارتفاع اسعار السلع والخدمات تمتص فوائد الزيادة البسيطة على الدخل, علما ان القوة الشرائية للدينار كانت تتآكل يوما بعد يوم, امام كل تلك المعطيات كان الانفاق يتنامى في ظل ظروف اقتصادية غير مواتية لذلك النمو, وباتت سلة الاستهلاك للمواطنين متنوعة او مشوهة بالاصح للسلع الضرورية والكمالية معا, فما ان يدخل المستهلك اي مول سرعان ما تمتلئ العربات بالمواد المختلفة في الوقت الذي يُخرج به بطاقة الائتمان لدفع قيمة تلك السلع, وهنا سيترتب دين جديد ومن نوع آخر على المواطنين خاصة من طبقة الموظفين محدودي الدخل من دون ان يشعروا به على المدى القصير.
رغم ان العوامل الخارجية لا تسعف الاقتصاد الوطني في مواجهة التحديات المختلفة, الا ان ممارسات حكومية وفردية ساهمت هي الاخرى بمزيد من الاختلالات المعيشية في الاردن لدرجة ان الجميع بات يتحدث عن انفاق الاردنيين بشكل مواز لما يحدث في الخليج مع فارق ان هناك ثروات تتنامى ودخلا يزداد بوتيرة عالية عكس ما هو موجود عندنا.
salamah.darawi@gmail.com
العرب اليوم