كنت امس الاول برفقة معالي الدكتور زيد حمزة ضيفا في احدى القنوات الفضائية وتشاركنا الحوار للتنبيه بخطورة القرار العسكري الاسرائيلي القاضي بابعاد "المتسللين الفلسطينيين والاجانب" من اراضي الضفة الغربية, وقد سألني المذيع عن انجع الحلول الاردنية والفلسطينية لمنع الادارة العسكرية الاسرائيلية من تنفيذ عملية تهجير جماعي عبر المعابر والجسور.
وكانت اجابتي مباشرة وواضحة حيث قلت" على الحكومة الاردنية وفور شعورها بالخطر الداهم نتيجة عملية التهجير باتخاذ قرار سيادي من مجلس الوزراء بوقف العمل مؤقتا بجوازات السفر الاردنية الموجودة على اراضي الضفة الغربية" وعندما سألني المذيع ماذا سيفيد ذلك قلت: "ان ذلك يعني الغاء المبرر بان الفلسطينيين المهجرين يحملون جنسية اخرى (الاردنية) وهي حجة قانونية قوية امام المجتمع الدولي حيث لا تستطيع سلطات الحدود الاردنية منع دخول اي اردني مهما كان اصله, لكن وقف العمل بتلك الجوازات يسحب الحجة من سلطات الاحتلال بان ثمة جهة او وطنا بانتظار المهجرين الفلسطينيين وتصبح سلطات الاحتلال غير قادرة على "تسفير المخالفين" الى الاردن لانه لم يعد يعترف بجوازات سفرهم ولا يتعامل معها ولا يوجد جهة تقبلهم".
واقتراحي هنا ليس دعوة لسحب الجنسية الاردنية بقدر ما هو قرار مؤقت بوقف العمل بجوازات السفر الاردنية المصروفة لابناء الضفة الغربية ريثما يزول خطر التهجير وتتوقف سلطات الاحتلال عن عملية الترانسفير وحتى يعرف الاحتلال ان لدينا اوراقا نلعبها ولا نقف متلقين للصدمات من دون رد.
اما السلطة الوطنية الفلسطينية فانها مطالبة على الفور بنزع الحجج القانونية الاسرائيلية التي تقول ان"المسفرين اشخاص مخالفون للقانون لا يحملون وثائق فلسطينية ووجودهم على اراضي الضفة الغربية غير شرعي ", والاقتراح هنا بان تصدر السلطة الوطنية الفلسطينية قرارا تعتبر بموجبه جميع الفلسطينيين على اراضي السلطة يحملون الجنسية الفلسطينية حتى لو كانوا يحملون جنسيات اجنبية اخرى وهي الحقوق نفسها التي يتمتع بها اليهودي المستوطن والمهاجر من روسيا او امريكا او غيرها الى ارض فلسطين.
لقد شغلنا قرار"تسفير المخالفين" منذ اسبوعين مع انه قرار اسرائيلي قديم ومطبق منذ عام 1969 ولم نكف اردنيين وفلسطينيين وعربا عن تدبيج مقالات الشجب والاستنكار والاستنجاد بالمجتمع الدولي لاغاثتنا ورفع الظلم عن الفلسطينيين المهددين بالطرد من ارضهم, بل ان العرب طالبوا الفلسطينيين تحت الاحتلال بعدم الامتثال لقرارات العدو بتسفيرهم وكأن القرار بأيديهم.
اعتقد ان دولة الاحتلال بوضعها قرار التسفير حيز التنفيذ لم تقصد التسلية بل انها تفكر في ارسال برقيات الى جميع الاتجاهات اولها التملص من الضغط الامريكي حول الاستيطان المتواصل في القدس الشرقية وتأخير اجابة الاسئلة الامريكية التي قدمها الرئيس الامريكي باراك اوباما الى رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتيناهو, وثانيها الضغط على السلطة الفلسطينية والاردن وثالثها وقف التنامي السكاني الفلسطيني.
كثيرون يعتقدون ان الرد الاردني يجب ان يبدأ لحظة وصول باصات جيش الاحتلال لانزال مئات الاشخاص على الحدود الاردنية, لكن اسرائيل اذكى كثيرا من ان تقوم بجرائم ضد الانسانية تحت سمع ونظر العالم بل ستلجأ الى تخيير الاشخاص فرادى بالمغادرة الى الجهة التي يحملون جواز سفرها او الذهاب الى القضاء الاسرائيلي بعقوبة حبس محددة بقانون التسفير بسبع سنوات, طبعا لن يختار احد السجن وهنا ستقوم مصلحة الشخص المسفر باخفاء امر تسفيره وجعل عودته طوعية لتسهيل دخوله وهنا تكمن الخطورة.
nabil.ghishan@alarabalyawm.net
العرب اليوم