"الفكر التفكيري" كيف نقاومه؟
يوسف عبدالله محمود
25-01-2021 02:35 PM
ظلموا الرعية واستجازوا كيدهم وَعَدوا مصالحها وهم أُجراؤها (المعري)
لماذا شاع "الفكر التكفيري" في مجتمعاتنا العربية والاسلامية على نحو غير مسبوق؟ هل نستطيع عزل هذه الظاهرة الشاذة عن سياقها الاجتماعي؟ الا يُعد "الفقر" سبباً من الاسباب؟
يجيب عن هذه التساؤلات المفكر الكبير د. علاء الأسواني في مقال له منشور في "العربي" المصرية بتاريخ 31/7/2005، يقول في مقاله: "..إن الدعوة الى تصحيح المفاهيم الاسلامية، قد تكون مشفوعة بالنوايا الطيبة، لكنها تظل وحدها غير مجدية. فالفكر الديني لا يمكن مناقشته بعيداً عن سياقة الاجتماعي". "النوايا الطيبة" وحدها لا تكفي في عصرنا.
هذا منطق سليم الى حد كبير، فالفقر وسوء الحال المعيشي قد يدفع صاحبه الى تبني نهجاً عدائياً تجاه من يعيشون مُتنقلين بين اعطاف النعيم. بالطبع هذا النهج غير مبرّر اخلاقياً، لكنه واقع نعيشه، نعيشه بكل ويلاته، وفي تصوري ان "التربية والتعليم" وحدها لا تستطيع مقاومة هذا العداء لأن "الجوع" كافر كما يقال.
في كتابه "العالم الاسلامي المعاصر، بين الشّورى والديمقراطية" يقول الباحث والاكاديمي القطري البارز وعميد كلية الشريعة القطرية السابق مشيراً الى "التطرف" و"الفكر التفكيري: "إن معظم مشايخ الدين إن لم يؤيدوا التطرف صراحة، لكنهم يبررونه ويسوغونه بحجج وذرائع سياسية ودينية واقتصادية واجتماعية عجيبة". (المرجع السابق ص 90)
حين اراد الأكاديمي والمفكر المصري الراحل نصر حامد ابو زيد أن "يؤنسن" الخطاب الديني ويحرره من اي تفسير تعسفي طارد لِ"العقل" أو تأويل يبرر للمستبد استبداده، تم تكفيره وهو العالم في الدراسات الاسلامية.
اراد ابو زيد "الخروج من أسْر الثقافة السحرية البدائية" كما يقول. وفي تصوره ان هذه "الثقافة" هي التي اوجدت ارضية للفكر التكفيري الذي اشاع "الارهاب" الذي ترفضه كل اديان السماء.
يبقى ان اقول علينا ان نحرر الفكر الديني من سلطة القهر والقوة. لا "للتأويلات" التي تخدم استبداد السلطة، ونعم للتأويلات الحيّة" التي يقرها الشرع والعقل.