الاستفادة من تحديات تجربة التعليم عن بعد
فيصل تايه
25-01-2021 01:17 PM
رغم المعاناة التي واجهها التعليم تحت وطأة جائحة (كورونا) إلا أن هذه التجربة توفر فرصة ثمينة للكشف عن نواقص نظام التعليم وعيوبه وتسليط الضوء على إمكانات القوة الكامنة فيه خلال الاعوام الماضية ، وامكانية تفعيل تلك القوة واستثمارها لمعالجة المشكلات المزمنة التي ادت الى تراجع في نظامنا التعليمي في فترات سابقة ، والتوصل إلى مداخل جديدة تساعد على صياغة نظام تعليمي مبتكر يرقى إلى مستوى مطالب الحاضر وتحديات المستقبل ويقوم بالدور المتوقع منه في دفع مسيرة التنمية الشاملة واستدامتها وفق الغايات التي تهدف الرؤى الوطنية إلى تحقيقها ، فالتعلم عن بعد يفتح بابا واسعا لمعالجة أوجه الخلل المزمن الذي يؤخذ على النظام التقليدي وان التقنية الرقمية في هذا العصر وما بعده هي أداة التعلم ومصدر المعرفة والثقافة ويجب توطينها في المدارس ضمن خطة وطنية فاعلة تترسخ في مكونات نظامنا التعليمي وإتاحة الفرصة أمام جميع المعلمين لإتقان أساسياتها واستخدامها في التدريس.
جائحة كورونا ، وحينما داهمت العالم واكتسحت البلدان بسرعة خاطفة شلت الحركة وقلبت الموازين وغيرت ترتيب أولويات العمل ، حيث اصبح واجب المحافظة على الصحة له الأولوية ، مما استدعى فرض الإجراءات الصحية الاحترازية لتقليل احتمالات انتقال العدوى والحد من أضرار الكارثة ، وانه ومن ضمن تلك الإجراءات الوقائية إغلاق المدارس واللجوء إلى التعليم عن بعد ليحدث هذا التحول المفاجئ إرباكا للعملية التعليمية ليس فقط في الأردن ، مما دعانا كما غيرنا إلى استنفار الخبرات وحشد الطاقات لاستخدام وسائط التقنية الرقمية ووسائل البث الإعلامي للمحافظة على استمرار تعلم الطلبة وإكمال مقررات مناهج العام الدراسي ، حيث كان لكل الجهود الحثيثة والمكثفة التي بذلتها وزارة التربية والتعليم والتي ساعدت على احتواء الضرر البالغ الذي يمكن ان يلحق بالتعليم وبخاصة ما اتخذته من تدابير لتقديم التعلم عن بعد لتخفيف المشكلة وإيجاد بديل مؤقت يسمح للطلبة بمواصلة دراستهم على أمل انقشاع الأزمة وعودة الامور الى نصابها .
لا احد ينكر الجهود التي بذلت لمواجهة الأزمة والتي ساعدت في تخفيف وطأتها ، فوزارة التربية والتعليم تعي تماما ان هناك أمورا تحتاج إلى مزيد من الاهتمام من اهمها تنمية الخبرات اللازمة في مجال اختيار المحتوى التعليمي وتصميم وسائل مناسبة لتقديمه عبر قنوات التعلم عن بعد إلى جانب توفير خدمات الدعم والإرشاد وتقييم تحصيلهم ومتابعة انتظامهم في الدراسة وتخفيف الضغوط النفسية والاجتماعية وهذا ما حاولت توفيره من خلال منصة درسك٣ التي سيبدأ تفعيلها مع عودة الطلبة للمدارس في السابع من شباط القادم .
ايضاً وضمن هذه الظروف عزمت وزارة التربية والتعليم على عقد منتدى غني بمحاوره وموضوعاته وبمساهمات نخبة متميزة من الخبراء للاستفادة مما يطرح من أفكار وتوصيات ستكون مصدرا رافدا يثري تجربتنا في التعليم عن بعد ويوجهها في مسار التعلم المستمر مدى الحياة ، ضمن التوجهات التي يجب ان تكون مرتبطة بتعليم المستقبل كما ترسمه الرؤى الملكية السامية والخطة الوطنية لتنمية الموارد البشرية والمرتكزات الأساسية التي يقوم عليها والغايات البعيدة التي يستهدفها في ضوء التقدم العلمي والتقني المتواصل .
ان اهم القضايا التي تثار حالياً ونحن في خضم التجربة وتم رصدها من قبل المهتمين بشؤون التعليم متعددة ، ولكن المشترك بينها هو علاقتها بمستوى جودة التعليم وفاعليته وكفاءته ، فلا احد ينكر وجود عقبات تتجاوز حدود الإمكانات المتاحة ، وهذا يستوجب مواصلة العمل الجاد للتغلب عليها ، فمنها ما يتعلق بالطلبة ومنها ما يتعلق بالمعلمين وأولياء الامور والأسر ، مع ضرورة الاستعانة بالبحث العلمي وتوجيه نشاطاته لدراستها والاستعانة بنتائجه في تحديد المسارات الصحيحة التي تقود إلى تعليم ذو جودة عاليه بما يرقى الى تطلعاتنا .