نحن مواليد الستينات من القرن الماضي جيل الحزن والخوف والأحلام والطموح.
جيل شهدنا بطفولتنا هزيمة عام ١٩٦٧ وانهيار الجيوش العربية أمام جيش الكيان، وحاول الجبناء كالعادة تجميل تلك الهزيمة النكراء واطلقوا عليها لقب نكسة ولكن واقعها انهزام ومؤامرة وهزيمة.
عشنا احداثها بكل التفاصيل وراينا التغريبة الفلسطينية التي كتبها وليد سيف مباشر وواقع. عندما قدم الأخوة من الضفة الغربية نتقاسم وياهم السكن ولقمة الخبز. وكان نصيبنا نحن عائلة من دوره الخليل (دار ابو طالب).
وشاهدنا مسرحية جمال عبد الناصر في الاستقالة والرجوع عنها كونه جزء وليس الكل من أسباب تلك الهزيمة والمؤامرة.
عشنا الكرامة واحداثها وراينا الأخوة الصادقة التي جمعت الضفتين على هدف واحد هو تحرير الغربية منهما.
وجاء الاسفين القاتل في حينه عندما زرع عام ١٩٧٠ وأحدث شرخا مؤقت سرعان ما تلاشى لكنه كان المقدمة للبدء في طي القضية.
واذكر أنني قرأت كتاب عام ١٩٨٥ تحت عنوان كامب ديفيد تسوية ام تصفية لحاتم ابو غزالة بعد ذهاب السادات للقدس وتوقيع الاتفاقية. لم ندرك حينها انها تصفية وليست تسوية!!
واستمرت النكبات على الأمة في الحرب العراقية الإيرانية التي امتدت لاكثر من تسع سنوات. وشاهدنا التآمر لاضعاف القدرة العسكرية للجيش العراقي والحشود السورية على الجبهة الشمالية للاردن وكان هذا اسفينا اخر في نعش الأمة.
وبعد ذلك شاهدنا المتآمر ميخائيل غورياتشوف وكيف تآمر على الإتحاد السوفيتي وانهار ذلك الاتحاد وفقد العالم توازن القوى واصبح احادي القطب الغربي المسيطر على العالم.
واصبحت الراسمالية والدولار تقود ذلك العالم المتعطش للديمقراطية الأمريكية المزيفة واصبحت الدول المتفككة عن الاتحاد السوفيتي او المعسكر الشيوعي تلهث وراء الدولار وبنطلون الجينز الأمريكي وسجائر المالبورو التي اصبحت تسود العالم. ويبدو ان امريكا تسير على هذا الخط الذي رسمته للاتحاد السوفيتي.
بعدها شاهدنا جحافل اللاجئين من العراق والكويت يحطون في عمان واستمرت النكبات وتخبيصات المسؤولين في زيادة الآعباء على المواطن الاردني وعدم التهيئة المناسبة لاستقبال هؤلاء وعشنا مأساة ظلم داخلي.
جاء عام 2003 بالمصيبة الأكبر عندما احتل العراق الشقيق وشاهدنا المنظر المؤلم في الاحتلال.
ثم ضاعت الكرامة وانهارت المعنويات عندما اعدم الشهيد صدام حسين صبيحة الأضحى.
و جاء مسلسل تجويع الشعوب وامتهان كرامتها على أيدي زعاماتها الفاقده للشرعية والتي تضع جل اهتمامها في البحث عن الشرعية الأمريكية ولا تعير وزنا لشعوبها.
كل هذا وغيره الكثير من قهر وظلم وغياب العدالة انعكس على صعيد الداخل وجعلنا نشعر بالاحباط والضياع وفقدان الأمل وبقينا نعيش وفي داخلنا الخوف من المدرس والشرطي والمدير والوزير.
و للخروج من هذه الحالة لدى البعض السائد أصبح النفاق هو السيد موقف فعاشت تلك الفئة موزعة بين المنافقين والعملاء وتجار المواقف ومرتادي السفارات واصبح الهدف (الأنا) وليس الوطن، وجعلنا في كل قانون مخرج ومنفذ لاصحاب النفوذ والفاسدين واصبحت العدالة طموح وحلم وليست واقع.
هكذا عشنا المعاناة بمفهومها العام ولكل منا معاناته وقهره الخاص.