البحث العلمي خلال جائحة Covid-19
إيمان صفّوري
23-01-2021 01:37 PM
إن "القدرة على العمل المشترك، والتخلي عن السعي لتقدمك الأكاديمي الشخصي، هو ما نشهده الآن لأن الأمر أصبح مسألة بقاء".
للدكتور رايان كارول، أستاذ الطب بجامعة هارفارد الذي يشارك في البحوث المتعلقة بفيروس كورونا.
امتدّ تأثير جائحة Covid-19 للمساهمات والجهود العلمية وطرق ومناهج البحث العلمي، فالباحثون يميلون إلى قضاء ساعات لا حصر لها في البحث والعمل على موضوعاتهم ومحاوريهم وانشاء شبكة ثقة و ضمان الوصول للعيّنة المناسبة، واستطلاع رأي المشاركين. وهذه القدرة تقلّصت في الواقع الوبائي الجديد و بشكل خاص عند إجراء الأبحاث حول الفئات الضعيفة أو الموضوعات المتعلقة في مخيمات اللاجئين، في حين أن إجراء هذه البحوث محفوف باحتمالات عدم اكتمال المشهد وإمكانية الوصول لكلّ معلومة. اذ يتعين على الباحثين الاعتماد بشكل متزايد على جمع البيانات عبر الإنترنت مع استخدم اقلّ للمصادر الأولية في هذا المجال.
غير أنّ الباحثين الذين يجرون ابحاثاً نوعية أو كمية ، يواجهون تحديات في تنفيذ العمل الميداني، فالقدرة على جمع البيانات من مصادر متنوعة مسألة هامّة في العملية البحثية بالوقت الذي قد لا تطرأ تغييرات على شروط قبول و نشر البحث العلمي.
عدا انّ البحث والتمويل يمثلان تحديًا للباحثين، ومع تداعيات COVID-19 ستصبح القدرة على الحصول على المنح للبحث أكثر صعوبة وقد تتّجه أولويات التمويل البحثية نحو البحوث المتعلقة بـ Covid-19.
وبناء على استطلاع رأي حول الآثار السلبية للوباء على أبحاث الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وحسب منظمة مختصة في العلوم والابحاث، أنّ ٩١% من الباحثين الذين يركزون على منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا اضطروا إلى تأجيل السفر للبحث، مقارنة بـ ٧٩% من الباحثين الذين يدرسون مجالات أخرى. لكن المزيد من الباحثين الذين يركزون على منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بدأوا مشاريع جديدة بنسبة ٤٦% ، بالإضافة إلى الأبحاث المتعلقة بـ Covid-19 بنسبة ٣٠% ، مقارنة بـ ٣٢ و ٢٣ % ، على التوالي ، بين الباحثين الذين يدرسون مناطق أخرى. وانّ أقلّ من ثلث باحثي منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ما نسبته ٣١% كانوا قادرين على إجراء عملهم الميداني عن بُعد . أخيرًا، كان ما يقارب نصف المستجيبين ما نسبته ٤٩% قادرين على استئناف أبحاثهم وتأمين الوصول إلى البيانات التي تم جمعها مسبقًا.
وبالرغم من ظروف الجائحة التي أثّرت على مجريات البحث العلمي، لكنّها عكست حالة من التقارب لمجتمع العلم الدولي وأتاحت الفرص للباحثين لحضور المؤتمرات وورش العمل الدولية عبر الإنترنت وتعزيز المشاركة الإقليمية وساهمت بتخفيف تكاليف الحضور الفعلي وخلق تنوّع فكري وثقافي من مختلف البلدان.
أضف إلى ذلك، بدأت العديد من المنظمات في مشاركة أبحاثها و جعل الأوراق البحثية متاحة و مجانية للجميع، ومقارنة ذلك في عام ٢٠١٧، فقد كان ٣٧ فقط من ٢٩٠٠ مستودعات رقمية متاحة الوصول؛ مدرجة في الدليل العالمي لمستودعات الوصول المفتوح (OpenDOAR) في الدول العربية، وفقًا لبوابة الوصول المفتوحة العالمية التابعة لليونسكو.
وفيما يتعلق بمسار البحث العلمي في الدول العربية أشار الأمين العام السابق لاتحاد الجامعات العربية الدكتور سلطان أبو عرابي خلال الندوة التي عقدتها وحدة مكتبة الجامعة الأردنية عبر تقنية الإتصال المرئي بتاريخ ٢٢ تشرين الأول ٢٠٢٠ ، إلى أنّ ٩٠% من الطلبة في الجامعات العربية يحصلون على البكالوريوس فيما ١٠% منهم يكملون الدراسات العليا.
ونوّه إلى أن نسبة سكان العالم العربي لسكان العالم ٧%، مشيراً إلى أن نسبة الإسهامات العربية في البحث العلمي العالمي لا تتجاوز ٠.٤% من المساهمة العالمية مقارنة بدول كأمريكا الشمالية التي تصل نسبة إسهاماتها من النشر العالمي قرابة ٣٠%.
و قال إن عدد الباحثين في الوطن العربي يصل إلى ٦٠٠ باحث لكل مليون نسمة، بينما تصل هذه النسبة في أمريكا واليابان لأكثر من ٦٠٠٠ باحث لكل مليون نسمة، وتحتل مصر والسعودية أعلى النسب من ناحية الإنتاج العلمي في العالم العربي، حيث تسهم مصر بما نسبته ٣٦% من النشر العربي تليها السعودية بنسبة ٢٩%، أما الأردن فتسهم بنسبة ٦% من إجمالي البحوث العربية التي اعتبرها أبو عرابي نسبة جيدة جداً.
أما مافي المرحلة القادمة فإنّ المجتمع العلمي أمام تحدّي كبير لمواكبة التغيرات وما تلزمها من تمكين العملية البحثية للتكيّف مع المستجدات العالمية ولعلّ أبرزها جائحة Covid-19.