ماذا يعني للأردن انضمام أمريكا لإتفاقية التغير المناخي في باريس؟
د. م. محمد الدباس
23-01-2021 11:40 AM
بداية أرجو أن أشير الى أن اتفاقية المناخ هي حدث دولي بشأن التغير المناخي، وجاء هذا الاتفاق عقب المفاوضات التي عقدت أثناء مؤتمر الأمم المتحدة-21 للتغير المناخي في باريس في شهر 12 من العام 2015. حيث كان الإتفاق متوازنا وملزما قانونيا. صُدِّق عليه من قبل كل الوفود الحاضرة له وعددها 195 وفداً؛ بهدف احتواء الاحترار العالمي لأقل من درجتين مئويتين، وتم تخصيص ما قيمته كحد أدنى 100 مليار دولار أمريكي كمساعدات مناخية للدول النامية سنويا.
كما تهدف الاتفاقية الى الوصول الى تثبيت تركيز الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي، عند مستوى يسمح للنظام البيئي بأن يتكيف بصورة طبيعية مع تغير المناخ، وبالتالي حماية الانسان من خطر عدم استدامة الماء والغذاء.
1- ماذا يعني للأردن انضمام أمريكا للإتفاق؟
لاشك بأن انضمام (أمريكا) مؤخرا بقرار من الرئيس الأمريكي (بايدن) الى اتفاق باريس أو "كوب 21" يعني ضمنا عودتها الى الإنضمام لصندوق المناخ، وزيادة (مخصصاته) التي ستتجاوز في هذه الحالة المبلغ المتفق عليه سابقا والبالغ قيمته 100 مليار دولار كحد أدنى؛ وبالتالي تبرز فيه فرصة مالية واقتصادية ذهبية واعدة لنا في الأردن المثقل بحجم الدين العام، فهل ستعي حكومتنا الرشيدة أهمية هذه الخطوة؟ وهل سنعول عليها في (إفراد) وزارة متخصصة بقيادات وكوادر متخصصة بالشأن البيئي في قادم الأيام؟
الإجابة بكل بساطة... نعم يتوجب ذلك؛ فموقف أمريكا الحالي بالخصوص هو موقف (سياسي- بيئي) داعم بامتياز له تبعات إقتصادية ومالية جمة؛ حيث ستكون هذه التبعات (عبئا) على الدول المتقدمة نفسها في اجبارها على عدم تخطي الكوتا المسموح بها لنفث الإنبعاثات الكربونية الضارة بالبيئة من جهة، (والتزاماً) منها بخفضها ضمن سيناريوهات متعددة، ولإجبار هذه الدول المتقدمة للإستثمار في خطط التحسين البيئي والتخلص من التكنولوجيا غير الصديقة للبيئة، ودفع التزامات مالية لصندوق المناخ، وقد يكون أحد الحلول المتاحة كما كان في وقت سابق أن تلجأ الدول المتقدمة الملوثة الى الدول النامية في تخفيض مستوى انبعاثاتها السنوية الى حدود متفق عليها، حيث ستشتري هذه الدول ما يسمى ب (كوتا الإنبعاثات) من سوق الكربون العالمي المعروض من خلال الدول النامية صاحبة أدنى مستويات في الإنبعاثات؛ ولتبيع هذه الدول الفقيرة الكوتا المخصصة لها لبعض من الدول المتقدمة، تحت ما يسمى سوق الكربون العالمي أو ما يعرف ب Emission Trading، مقابل سعر يحكمه العرض والطلب العالمي لكل طن مكافيء من الكربون.
2- هل سبق لنا في الأردن من الإستفادة من مشاريع آلية التنمية النظيفة (CDM)؟ الجواب نعم، وتم ذلك بكوادر متخصصة من خلال تطوير 4 مشاريع تم تسجيلها حسب متطلبات الإتفاقية الإطارية للتغير المناخي (UNFCCC).
وكخلاصة؛ أرجو من الحكومة الرشيدة ومن خلال أصحاب المعالي: وزراء البيئة والطاقة والمالية أن نغتنم هذه الفرصة السانحة؛ ولتطوير ما هو متاح من مشاريع قائمة واعداد برامج وخطط متخصصة في المجال، تمهيدا لبلورتها واعدادها حسب التعليمات الإرشادية (Guidlines) للإتفاقية الإطارية للأمم المتحدة في مجال التغير المناخي (UNFCCC)؛ وأنا على ثقة مطلقة من تمكيننا من احراز غنائم مالية تلوح في الأفق إن أحسنّا التصرف بالخصوص، وللعلم فقد استطعنا في وقت سابق من الحصول للخزينة العامة على حوالي ٢ مليون دينار أردني من مشاريع (متواضعة جدا) كانت مدرجة تحت مظلة آلية التنمية النظيفة (CDM)، وأتحدث أنا هنا بصفتي الوظيفية السابقة يوم كنت عضوا في اللجنة المشكلة من قبل وزارة المالية لمتابعة تحصيل العوائد الحكومية لهذه المشاريع، فما بالكم ونحن قد طورنا حوالي 2000 ميغاوات من المشاريع الصديقة للبيئة مقارنة بمخزوننا المتاح من مشاريع الطاقة التقليدية؟!.
حمى الله الوطن والقائد وحماكم جميعا؛؛
" محكم وخبير دولي في مجال تطوير مشاريع آلية التنمية النظيفة"