الشراكة بين القطاعين العام والخاص وآلية العمل
د. محمد خالد العزام
23-01-2021 09:38 AM
لا نريد أن نصدر أحكاما مسبقة على حكومة الخصاونة بناء على تشكيلتها والانطباعات التي تولدت عنها في الأيام الأولى من مباشرتها العمل، لكن يهمنا في ظل هذه الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد أن نقدم لها الدعم والإسناد والنصيحة لتعبر بالناس إلى بر الأمان.
هذا لا يمنع أن نقرأ بعض الاشكاليات وندقق بها، لكن هذا ليس وقت التلاوم وجلد الذات، وإنما وقت توجيه الطاقات للعمل والإنجاز، فلا نملك ترف الوقت للمناكفات، وجل ما هو مطلوب تقديم خطة عمل والمباشرة بأداء المهام لتظهر النتائج على أرض الواقع المؤلم.
فتشكيل الحكومة أصبح وراء ظهورنا، والمهم ما ينتظره الناس من اجراءات ملموسة تطمئنهم على سلامتهم وصحتهم ومستقبلهم، من خلال وضع برامج تسعى إلى تحسين الوضع الإقتصادي والإجتماعي ومن تلك البرامج الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
لذا تسعى الحكومة من خلال برامجها إلى تعزيز الشراكة بين القطاع العام والخاص من خلال خطط تنموية تسعى من خلالها الوصول إلى نتائج تعود بها الفائده على القطاعين ولا سيما من خلال قوانين وتحفيزات توفر بيئة خصبة للقطاع الخاص.
إذ نجد أن القطاع الخاص يمتلك إمكانيات وخبرات ومقومات تمكنه من الدخول في العديد من المشاريع الاستثمارية من خلال قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص سواء من الجوانب الفنية واللوجستية والتمويلية التي تسعى الحكومة لتوفيرها.
إذ أثبتت التجارب من خلال الدول المتقدمة أن الشراكة بين القطاعين العام والخاص يعد نقلة نوعية في علاقة القطاعين خلال مرحلة تطورهم فيما يخص دور شركات القطاع الخاص بمشاريع البُنى التحتية ومرافق الدولة المختلفة، مشيرا إلى أن القطاع الخاص ينظر إلى الشراكة على أنه دليل على ثقة الحكومة بمؤسسات وشركات القطاع الخاص المحلي.
لما يمتلكه القطاع الخاص من الإمكانيات الفنية واللوجستية والتمويلية للدخول في المشاريع المختلفة ضمن مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص، مؤكدا أن القطاع الخاص المحلي شهد طفرة ملموسة خلال السنوات الماضية انعكست بشكل مباشر على أعماله بالسوق المحلي ، لكن جائحة كورونا قد شلت تلك الشراكة بينهما .
فالشراكة تتطلب تغييرات جوهرية في الأدوار والمواقف بين القطاعين تجاه بعضهما البعض حيث لم تعد العلاقة بينهما علاقة عميل بمتعهد، وإنما يتم تقاسم الأدوار بحيث تناط بالقطاع العام الوظائف المتعلقة بالإشراف والرقابة والتنظيم، ويتحمل القطاع الخاص مسئوليات التنفيذ والتشغيل وتحريك الموارد، هذا التغير في الأدوار يتطلب التحول في طبيعة العلاقة بنقل بعض إمكانات وقدرات القطاع العام إلى القطاع الخاص.
ومن خلال تتبع الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص نجد أن الحكومة قد اختارت الطروانة مديرا لتلك الشراكة ونجد بأنه الرجل المناسب لإدارة تلك المرحلة لإمتلاكه العديد من الخبرات ، وستعكس خبرته الكبيرة بأنه سطبقها على إدارة تلك الشراكة من خلال الكادر المتميز ، الذي من خلاله يسعى إلى تطوير الشراكة لرفد الوطن بالإقتصاد المعافى والقوي.
ويذكر أن زيد الطراونة كان يعمل سابقا في شركة الأردن دبي كابيتال التي كان يرأسها دولة سمير الرفاعي، بعد أن كان عمل قبل ذلك في البنك المركزي الأردني وستعكس كل تلك الخبرات على عمله الجديد ، ويعد عمله إحدى الركائز الرئيسية لتحقيق أهداف الحكومة لخطة التنمية المستدامة وما تتطلبه من برامج ومشروعات، تستوجب تضافر مختلف الجهود، وتعبئة كافة الموارد المتاحة لدى الحكومات والقطاع الخاص.
لان الشراكة بين القطاعين سيحقق مساهمة أوسع وأكبر للقطاع الخاص في المشروعات الحيوية بالدولة دون انتقاص للخدمات التي تقدمها الحكومة وتوليها الأهمية، لأن الشراكة مع القطاع الخاص ستساهم في زيادة مهمة القطاع الخاص المحلي بالمشاريع المختلفة بالدولة وضمن أطر قانونية وتشريعية موجودة.
يعود ذلك على أنظمة التعاقد بين الجهات الحكومية وشركات القطاع الخاص بحيث تعطي أريحية لكلا الطرفين حسب طبيعة المشروع، وأن تعدد الأنظمة التعاقدية يزيد من المرونة في التعامل بين القطاعين العام والخاص.
ويتحقق ذلك من خلال الإدارة الجديدة التي تسعى بوضع خطط تساهم في لعب الدور الإستراتيجي من أجل إنجاح القرارات التي ستوفر البيئة الخصبة للإقبال على ممارسة العمل المشترك والاستثمار مع الثقة التي لدى رجال الأعمال.
ومن خلال تتبع خطط الحكومة في الشراكة بين القطاعين نجد بأنها تعود عليهم بالفائدة من خلال توزيع المهام الناجمة عن إقامة هذه المشاريع بين أكثر من طرف هم أطراف الشراكة , ولا سيما الاستفادة كذلك من رؤوس الأموال التي تتوافر لدى القطاع الخاص وما يمتلكه من خبرات ومعارف في إدارة المشاريع التي يعد عنصر الوقت فيها حاسم وتقليل المدد الزمنية اللازمة لتنفيذها وبالتالي تحسين موقف الإدارة العامة مع الحد من الإنفاق الحكومي، من خلال إسناد المشروعات التي تحتاج إلى رؤوس أموال واستثمارات ضخمة إلى القطاع الخاص، الذي يتميز بالكفاءة الإدارية والقدرة على التجاوب مع متطلبات السوق، وسرعة التكيف مع مؤشرات السوق و ترتيبات الشراكة بين القطاعين مع تحقق نتائج أفضل مما يستطيع أن يحققه كل فريق على حدة، من خلال تأثير الشركاء على أهداف وقيم بعضهم البعض، عن طريق التفاوض والتوصل إلى معايير عمل أفضل، ومن ناحية أخرى سيكون هناك مجال لتوسيع الموارد المالية، نتيجة تعاون الأطراف فيما بينها.
ونجد كذلك من خلال الشراكة بأنها ستحقق المكاسب الاجتماعية والاقتصادية، وبخاصة إذا تم اختيار المشاريع بعناية لتحقيق عائد أعلى، وليستفيد منها أكبر عدد من المواطنين، سواء أكانوا منتفعين، أم مستخدمين، أم مزودين للموارد، أم مستشارين محترفي الشراكة بين القطاعين العام والخاص كأداة لتحقيق التنمية المستدامة وهذا سيخفف بشكل عام من نسبة البطالة في الأردن، فالدولة يمكن ان تقدم على العلاج الشافي لمعظم الازمات وخاصة البطالة والفقر والعدالة الاجتماعية والمشاريع العالقة والمزمنة منذ زمن، وتتطلب اجراءات فورية منها الشراكة.
وممّا لاشكّ فيه أنّ توسيع الشراكة بشكل أكبر وأوسع من خلال الاستثمار في البنى التحتية يؤدي دورًا رئيسًا في تحفيز نموّ الناتج المحلي وتطوير الاقتصاد وتأمين نموه المستدام في الأردن ، مما يعكس على رفد القطاعين بالعملات والموارد.
فمشروعات البنى التحتية تساهم في إيجاد الأرضية المناسبة لاستقطاب الاستثمارات، وخلق فرص عمل عديدة في القطاعات جميعًا ولكل الطبقات الاجتماعية على اختلافها.
لذا تتميّز الشراكة بين القطاعين العام والخاص بأنّها شراكة طويلة الأمد تهدف إلى تقديم خدمات عامة عن طريق الاستفادة من الكفاءة الإدارية والقدرات التمويلية مع الإستفاده من العوائد التي تعود على القطاعين والتي سيلمس أثرها من خلال الإدارة الناجحة في أقرب وقت.
حفظ الله الأردن وحفظ جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين وولي عهده الأمين
والله من وراء القصد
Karamalazzam7@gmail.com