هل يصح إسلام من دون إيمان !
شحاده أبو بقر
21-01-2021 04:39 PM
الإسلام قاعدة للإيمان، ولا يصح إسلام المسلم إلا بالإيمان. والإيمان هو وببساطة لا تتطلب شرحا واسعا، أن يدرك الإنسان أنه يعيش على كوكب هو عبارة عن صخرة عظمى ثلاثة أرباعها تقريبا من ماء وهي معلقة تدور في فضاء رحب واسع شأنها شأن سائر الكواكب.
هذا ابتداء، ثم ووفقا لذلك، أن يدرك أن هذا الكون العظيم له خالق أعظم هو الله جل جلاله، وأنه هو "الإنسان" أحد مخلوقات الله وأكثرها تكريما عند الخالق سبحانه وتعالى، وأنه وإذ يعيش على تلك الصخرة فهو تحت رقابة الخالق العظيم كل الوقت منذ يتخلق نطفة في أحشاء أمه وإلى يوم الدين حيا بعد ممات من أجل الحساب.
متى أدرك الإنسان هذه الحقائق العظمى لوجوده، صار وجوبا أن يعبد خالقه سبحانه وأن يأتمر بما أمر وينتهي عما نهى كي يفوز عند الحساب وهذا هو الإيمان.
ولأن الإنسان ومهما طغى وتجبر وتكبر مجرد مخلوق ضعيف جدا أمام عظمة الخالق، فإن رحمة الله جل في علاه منحته فرصة التوبة والاستغفار والذهاب إلى العمل الصالح والكف عن كل عمل طالح، وهو هنا أمام خيارين لا ثالث لهما، فإما إيمان صادق خشية وخيفة من عقاب الله في الدنيا والآخرة وبالتالي طاعة لله بأقصى حدودها، أو تفلت وسوء خلق وعمل وبعد عن مخافة الله وانغماس في شهوات الدنيا الزائلة لا محالة عند الموت، ولكل من هذين الخيارين نتيجة يعرفها المؤمنون الحقيقيون فقط.
المقصود هو أن الإسلام الحق لا يتحقق إلا بالإيمان الحق وإلا فهو مجرد صفة مكتوبة في بطاقة هوية لا أكثر، أو هو كمن سجل اسمه في سجل جامعة لكنه لم يدخلها يوما، فهو يحمل بطاقة طالب وما هو بطالب.
سنام الإيمان الحق "وهذا اجتهاد شخصي"، هو أن يتصور المرء نفسه راكبا في طائرة هي الكوكب الأرضي تطير في فضاء عظيم بقدرة ورقابة قائد خالق عظيم، وأنه في مواجهة كاميرات مراقبة طيلة الوقت، وسينقل في لحظة ما إلى صندوق الحقائب وهو القبر في تلك الطائرة، أي مع "العفش" عند موته، انتظارا لهبوط الطائرة يوم القيامة ليتم حسابه مع سائر البشر، فإما جنة وإما نار جهنم والعياذ بالله.
كل الرسالات تسليم لله الخالق، وهناك فرق جوهري بأن أكون مسلما مؤمنا أرى الله في سائر مخلوقاته في هذا الكون وأقر بعجائب قدرته سبحانه وبأنه خالق كل شيء والقادر وحده على كل شيء وليس كمثله شيء، وبالتالي وجب علي عبادته وبذل أقصى جهد في طاعته ما استطعت، وبين أن أكون مجرد حامل لصفة مسلم في بطاقتي الشخصية من دون أن يكون فؤادي عامرا بذرة إيمان حتى لو تظاهرت بأداء بعض العبادات رياء ونفاقا وتظاهرا أمام الناس، وهنا الخسران العظيم.
لذة وحلاوة الإيمان بالله جل وعلا، لا يدركها ولا يتنعم بها إلا من آمن ولو بعد طول غفلة وجهل وضلال، فمن وجدها فليعلم والله أعلم أن آخرته خير وأن الله الكافي لن يخذله ولن يتخلى عنه ساعة شدة أو ضيق، ومن جهلها فليعلم أن حياته بلا قيمة وهي حياة أنعام لا أكثر.
أختم بقوله تعالى عز من قائل (قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئا إن الله غفور رحيم) صدق الله العظيم، هو سبحانه من وراء قصدي.