منهجية المؤرخ سليمان موسى في كتابة تاريخ الأردن
أ. د. عامر ابوجبلة الجبارات
20-01-2021 11:19 PM
ولد سليمان موسى في قرية الرفيد إلى الشمال من مدينة إربد في عام 1920م ، وتلقى علومه الأولى في كُتَاب القرية ، ومدرستها ، ثم التحق بمدرسة الحصن فعاش حياة القرية والريف الأردني . ثم عمل في التدريس ، ويذكر أنه ذهب إلى فلسطين وعمل في حيفا ويافا ، ثم عاد إلى المفرق واشتغل في شركة بترول العراق ، ثم التحق في عام 1957 م بالخدمة في إذاعة المملكة الأردنية الهاشمية ، ثم انتقل بعدها إلى دائرة المطبوعات والنشر ، ثم مستشاراً ثقافياً في وزارة الإعلام ، ثم في وزارة الثقافة والشباب من 1966 – 1984 ، وأخيراً مستشاراً ثقافياً لأمين عمان حتى عام 1988 م .
كما ترأس تحرير عدة مجلّات مثل مجلة رسالة الأردن ، ومجلة أفكار ، وغيرها . وحصل على أوسمة ملكية رفيعة وجرى تكريمه من قبل جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين ، حفظه الله.
كانت أولى مؤلفاته " سيرة حياة الشريف حسين بن علي " ويبدو أن أولى طبعات هذا الكتاب كانت في عام 1957 م . وهذا يشعر بأن سليمان موسى كان مهتماً منذ البدايات بتاريخ الأردن على وجه الخصوص.
كانت وفاة سليمان موسى في 8 حزيران 2008 م .
أما منهجه في كتابة تاريخ الأردن فيمكن ابتداء تقسيم مؤلفاته حسب أربع مجموعات :
المجموعة الأولى : كتب حول تاريخ الأردن الحديث والمعاصر.
المجموعة الثانية : كتب الأعلام والشخصيات الأردنية.
المجموعة الثالثة : الكتب المترجمة حول الأردن.
المجموعة الرابعة : الكتب النقدية.
أولاً : كتب حول تاريخ الأردن الحديث والمعاصر : مثل:
1 - الحسين بن علي والثورة العربية الكبرى ، لجنة تاريخ الأردن ، عمان 1992م.
2 – مذكرات الأمير زيد ( 1917 – 1918 ) الحرب في الأردن ، دائرة الثقافة والفنون ، 1976 م .
3 – المراسلات التاريخية 1914 – 1918 ( الثورة العربية الكبرى ) نشر سليمان موسى ، عمان ( د . ت) .
4 – تأسيس الإمارة الأردنية ( 1921 – 1925 ) دراسة وثائقية ، مكتبة المحتسب ، عمان ، 1989 م .
5 – الحركة العربية 1908 – 1924 ، دار النهار ، بيروت ، 1986 م .
6 – في سبيل الحرية : قصة الثورة العربية الكبرى ، وزارة الثقافة والشباب ، عمّان ، 1981 م .
7 – الثورة العربية الكبرى: رجال صنعوا التاريخ ، وزارة الشباب ، عمان ، 1988م .
8 – إمارة شرق الأردن : نشأتها وتطورها في ربع قرن ، ( 1921 – 1946 ) لجنة تاريخ بلاد الشام ، عمّان ، 1990 م .
9 – أيام لا تنسى ، الأردن في حرب 1948 م ، مطابع القوات المسلحة الأردنية ، عمّان ، 1997 م .
10 – صفحات مطوية ، مفاوضات المعاهدة بين الشريف حسين وبريطانيا 1920 – 1924 م ، وزارة الثقافة والشباب ، عمّان ، 1977 م .
11 – الحرب في الحجاز ، ( 1916 – 1918 ) نشر سليمان موسى ، عمّان ، 1989م .
12 – صفحات من تاريخ الأردن الحديث ( أضواء على الوثائق البريطانية ،1946 -1952 ) دار ورد الأردنية للنشر والتوزيع ، عمّان ، الأردن ، 2011 م .
13 – تاريخ الأردن السياسي المعاصر ( حزيران 1967 – 1995 ) لجنة تاريخ الأردن ، عمّان ، 1998 م .
14 – دراسات في تاريخ الأردن الحديث ، وزارة الثقافة ، الأردن ، 1999 م .
15 – لورنس والعرب : وجهة نظر عربية ، نشر سليمان موسى ، عمّان ، 1962م .
16 – تاريخ الأردن في القرن العشرين 1900 – 1959 م .
17 – تاريخ الأردن في القرن العشرين 1958 – 1995 م .
18 – عمّان عاصمة الأردن ، أمانة عمان العاصمة ، عمّان ، 1985 م .
ثانياً : كتب الأعلام والشخصيات والمذكرات الأردنية :
1 – صور من البطولة ، وزارة الثقافة والتراث القومي ، عمّان ، 1988 م .
2 – أوراق من دفتر الأيام : ذكريات الرعيل الأول ، نشر سليمان موسى ، عمّان ، 2000 م .
3 – ثمانون ( رحلة الأيام والأعوام : سيرة ) ، المؤسسة العربية للدراسات ، بيروت ، 2002 م .
4 – وجوه وملامح ( صور شخصية لبعض رجال السياسة والقلم ) ، وزارة الثقافة والشباب ، 1980 م .
5 – أعلام من الأردن ( هزاع المجالي ، سليمان النابلسي ، وصفي التل ) المؤسسة الصحفية الأردنية ، عمّان ، 1993 م .
ثالثاً : الكتب المترجمة حول الأردن :
1 – آثار الأردن لمؤلفه لانكستر هاردنج ، ترجمة سليمان موسى ، وزارة السياحة والآثار ، عمّان ، 1971 م .
2 – رحلات في الأردن وفلسطين ( لمؤلفه كوندر كلوم ) ترجمة سليمان موسى ، دائرة الثقافة والفنون ، عمّان ، 1987 م .
3 – في ربوع الأردن ( مشاهدات الرحالة ) 1875 – 1905 م ، دائرة الثقافة والفنون، عمّان ، 1974 م .
4 – غربيون في بلاد العرب ، دائرة الثقافة والفنون ، عمّان ، 1989 م .
5 – نوافذ غربية ( كتب وكتّاب وقضايا عربية ) ، وزارة الثقافة ، عمّان ، 1984م .
رابعاً : الكتب النقدية : وأبرز مثال عليها كتابه :
الوجه الآخر : كتاب ومؤرخون في كل واد يهيمون ، وزارة الثقافة ، عمّان ، 2002 م.
٭ منهج المؤرخ سليمان موسى في كتبه حول تاريخ الأردن الحديث والمعاصر:
إن خبرة سليمان موسى الثقافية وقربه من مؤسسات الدولة الرسمية والثقافية ، جعلته يتحصل على الكثير من الوثائق التي أتيحت له ، ولذلك نلاحظ وبشكل جلي أن كتبه حول تاريخ الأردن الحديث والمعاصر ، كانت توثيقاً لهذا التاريخ ابتداءً من الثورة العربية الكبرى ، مروراً بعهد الإمارة الأردنية ، ثم عهد المملكة الحديثة ، بالاستناد إلى الوثائق ، فقد جمع في مؤلفاته كماً هائلاً من نصوص الوثائق والمراسلات وكل ما من شأنه توضيح حركة التاريخ الأردني في القرن العشرين ، فضلاً عن أنه بذلك قد وضع بين أيدي الباحثين في تاريخ الأردن وثائق أصيلة تفضي إلى كتابة تاريخ موضوعي لمسيرة الأردن خلال القرن الماضي.
كما أنه استند إلى المؤلفات المعاصرة له ، من كتب ومذكرات ومقالات وبرقيات ، فقد أحاط بمصادر تاريخ الأردن الحديث والمعاصر ولعله من أكثر الباحثين إحاطة بذلك ، فجاءت كتاباته ذات مصداقية لا يستغني عنها الباحثون في تاريخ الأردن الحديث والمعاصر ، بل إن بعض كتبه تم ترجمتها للغات أجنبية .
كما زود كتبه حول تاريخ الأردن الحديث والمعاصر بالصور الضرورية لتوثيق ما يكتب ، فضلاً عن الملاحق التفصيلية والتي ترقى إلى الوثائقيات ، كما أنه يذكر في نهاية كتبه تلك حول المراجع التي استند إليها .
٭ منهجه في كتبه حول الأعلام والشخصيات والمذكرات الأردنية :
اعتمد سليمان موسى في كتبه حول الأعلام والشخصيات والمذكرات الأردنية ، منهجاً يستند إلى المعلومة المسندة إلى أصحابها ، بأسلوب سلس وسهل ، معتمداً كذلك أحياناً على المقابلة الشخصية ، وذلك لمزيد من التوثيق ، فضلاً عن أنه يوضح الكثير من الإشكاليات في الهامش ، بشكل يمنح القارئ مزيداً من الإيضاح والفهم ، مع أنه أحياناً ينحى في كتبه حول الأعلام والشخصيات والمذكرات الأردنية منحى أدبياً جميلاً ، ولكن هذه الكتب ركزت فيما ركزت عليه على شخصيات لها دور في تاريخ الأردن الحديث والمعاصر ، فعلى سبيل المثال : ناصر بن علي ، عودة أبو تايه ، راضي عناب ، علي الحارثي ، فؤاد سليم ، مولود مخلص ، محمد علي العجلوني ، هزاع المجالي ، سليمان النابلسي ، وصفي التل ، ويعقوب العودات ( البدوي الملثم ) . وغيرهم كثير، وهذا يعتبر جانباً إضافياً لمنهج سليمان موسى في كتابة تاريخ الأردن الحديث والمعاصر من حيث أن هناك شخصيات كان لها دور في صناعة الأحداث في تاريخ الأردن في القرن العشرين ، فألقى الضوء عليها ، وقدم لنا معلومات تفرد بها حول تلك الشخصيات ذات الأهمية في تاريخ الأردن .
٭ منهجه في الكتب المترجمة :
ترجم سليمان موسى عدداً من المؤلفات حول الأردن إلى اللغة العربية مثل : آثار الأردن ، لمؤلفه لانكستر هاردنج ، ورحلات في الأردن وفلسطين لمؤلفه كلود كوندر ،" وفي ربوع الأردن مشاهدات الرحالة 1875 – 1905 م " " وغربيون في بلاد العرب " ، وتميز منهجه في هذه الكتب على سبيل المثال : بأن ترجمها ترجمة سليمة ، وذلك لإتقانه اللغة الإنجليزية ، وبأسلوب تميز بالتشويق كونه يتكلم عن الآثار ، أو مشاهدات الرحالة الأجانب ، أو الشخصيات الأجنبية التي زارت الأردن ، فيسهب بترجمة انطباعاتهم عن مشاهداتهم للأردن آثاراً وسكاناً ، وبيئة جميلة.
كما أنه ترجم هذه الكتب عن الأردن ، لأنه وجد فيها مادة علمية وتوثيقية حول آثار الأردن ، كما جاء في كتاب لانكستر هاردنج " آثار الأردن " ، فقال سليمان موسى : " إنني حرَصتُ على وضع بعض الملاحظات الضرورية على هوامش الصفحات من أجل فائدة المواطن العربي ، وخدمة للحقيقة والعلم " فكان هذا منهجه في الكتب المترجمة عن الأردن.
ولكن من الملاحظ أنه كان أحياناً يبدي رأيه ووجهة نظره في كثير مما يترجم لهم ، موضحاً رأيه بالاستناد إلى المعطيات الأردنية وخدمة المصلحة الوطنية ( أنظر كتاب نوافذ غربية ، ص20 وص26 ) ، عندما أبدى رأيه في كتابين غربيين حول الأردن.
٭ منهجه في كتبه النقدية : برز ذلك في كتابه الوجه الآخر : كتّاب ومؤرخون في كل واد يهيمون ، إن عنوان هذا الكتاب ينبئ عن نظرة سليمان موسى للكتّاب والمؤرخين الذين يرى أنهم ربما حادوا عن المنهج الصحيح لكتابة التاريخ ، ونستشعر من ذلك أنه يرى أن الموضوعية والصدق والأمانة ضرورة من ضرورات المنهج في الكتابة والتأليف والتصنيف ، فقد تشكلت لديه نظرة واضحة لكتابة التاريخ ، وذلك من خلال عقود من التعامل مع الكلمة والوثيقة والنص ، والمقابلة ،وكل ما من شأنه خدمة كتابة تاريخ الأردن ، فكان سليمان موسى من أبرز المؤرخين في تاريخ الأردن الحديث والمعاصر ، كمَّاً وفهماً وتحليلاً وتوثيقاً.
وأخيراً أقتبس نصاً من مقدمته لكتاب صور من البطولة ص4 يوضح فيه وطنيته وانتماءه ، وعروبته ، ومنهجه ، إذ قال مخاطباً شباب الأردن: " لقد قاتل آباؤكم وأجدادكم وجاهدوا ما وسعهم القتال والجهاد ، وضحوا تضحيات حقيقية في سبيل بلادهم ، فلا يستهن أحد بما قدموه ، ولا يسمحن للدعايات الباطلة أن تحول بينه وبين الرؤية الصحيحة والمحاكمة العقلية الرصينة ، لقد وضع أولئك الأجداد والآباء اللبنات الأولى في مدماك النهضة الوطنية الحديثة ، وعلى جيلنا وجيل أبنائنا أن يواصل عملية البناء بأسلحة العلم والعمل والشرف والتضحية .. " شباط 1968 م .