أيها الفلسطينيون .. وظفوا المال للجياع وليس للاقتتال
جودت مناع/ لندن
07-01-2007 02:00 AM
ما أن يبزغ فجر يوم جديد على ربوع فلسطين المحتلة .. الثكلى بشهدائها والنازفة جراحها على أرض مكفهرة .. حتى تصبح الاتفاقات المتتالية بين الفريقين الفلسطينيين المتصارعين على السلطة في مهب الريح.
هنا على تراب أرض حبلى برفات شهدائها .. عصية على أعدائها حيث أذاب خيراتها الحصار وغيب حريتها الاحتلال .. يسقط أبطال تعطشوا للحرية الغائبة عن وجنات المقهورين منذ أمد .. حين انبروا لواحات ليست مرادهم .. ولا هي بالتقاليد العريقة لشعب لم يتوارى ذي يوم عن مواجهة قاسية غير متوازنة فرضها عليه عدو لم يأبه وأعوانه لمجريات تقودنا إلى السقوط.
منذ عشرة أشهر يتعرض الشعب الفلسطيني لأقسى أنواع الحصار الاقتصادي والسياسي لأسباب لا تخفي على أحد.
خلال هذه الفترة الزمنية لم تدخر إسرائيل جهدا لمنع إدخال الأموال إلى فلسطين لا بل فرضت القيود على البنوك ومحلات الصيارفة وذهبت إلى أبعد من ذلك حين دهمها جيش الاحتلال في وضح النهار ولئن كان المشهد حقيقيا إلا أنه البعض خيل له بأنه من أشباه بأفلام هوليوود.
برغم معرفة الولايات المتحدة بأوضاع الشعب الفلسطيني القاسية فقد سنت "قوانين" تحظر تقديم المعونة للفلسطينيين في الوقت الذي تدعم فيه الحصار الذي يضيق شيئا فشيئا على رقاب الجياع كما لو كان حبلا يتدلى من مشنقة.
غير أن الإدارة الأمريكية تريد الآن كسر هذا الحصار بطريقتها الخاصة ووفقا لحساباتها ومصالحها بعد أن منعت إدخال أموال قد يستفيد منها الجياع فاتخذت قرارا بتقديم معونة مالية تصل إلى 86 مليون دولار لدعم حرس قوات الأمن الفلسطينية بمعنى أن الأموال سوف ترصد لابتياع عتاد وذخيرة .. بمعنى أن هذا الدعم ستستخدم لقتل أخوة السلاح دون مراعاة للقيم والأخلاق العسكرية ولا لمبادئ الشعوب المتطلعة للحرية والاستقلال.
إن استقدام الأموال لغرض تعزيز الفلتان من أي جهة كانت يجب أن يلقى إدانة صريحة من كل الفلسطينيين باختلاف مشاربهم السياسية والتنظيمية.
فالقبول بهذا المنطق يؤكد مجدداً الامتثال لسياسة فرق تسد التي ترفض ممارسة الديمقراطية والشفافية المزعومة التي نادت بها الإدارة الأمريكية ما أدى إلى نشوب حروب بدعوى إحقاق العدل ومحاسبة الفاسدين وما إلى ذلك من حجج تسوقها في مناطق الصراع لتحقيق مآربها.
ففي ظل احتدام الصراع غابت الشفافية وبالتالي تهاوى الأمن بفعل بفعل هذه السياسات في أرض محروقة تتآكل بشعبها مثلما كان المشهد التخريبي في مدينة رام الله المحتلة قبل أيام والذي لم تعره الإدارة اهتماما أو إدانة.
الخلافات الفلسطينية – الفلسطينية تتدحرج بدءاً من الفساد الذي أفضى إلى خلاف سياسي ثم أمني واجتماعي ما أدى إلى تدهور خطير لا يمكن السكوت عنه من قبل الغالبية الصامتة من المثقفين الفلسطينيين الوطنيين الذين يكتفون اليوم بمراقبة التطورات دون التأثير فيها ومنع امتدادها وتداعياتها المؤلمة.
إن الفلسطينيين يريدون فك الحصار والحصول على المال لدرء مخاطر الفقر المقذع وليس لدعم الاقتتال فيما بينهم ..لذلك يجب أن توظف الأموال .. أية أموال لأغراض نظيفة تستهدف الخطر الدائم المتمثل بالاحتلال وليس الأمن والاستقرار والأمن الغذائي. فهل ندع نحن الفلسطينيون الشمس الغائبة عن حاضرنا تشرق من جديد؟ ذلك لن يتحقق إلا بفهم حقيقة واقعنا في ظل الاحتلال.
jawdat_manna@yahoo.co.uk