إن ثقافة دولة ما تشكّل أساس متين في العلاقات بين الدول، فالعلاقة الثقافية واللغوية تمثل جوهر العلاقات الثنائية، ولاسيّما بين دولة متقدمة ودولة نامية، وإنّ التفاعل الثقافي يمثّل نوع من أنواع الدبلوماسية.
وكما قال الله -عزَّ وجل- في كتابه العزيز: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} .(الحجرات/ 13).
فالتعامل بين الشعوب هوه معنى قرآني سامي، تتعارف فيه الشعوب وتتبادل الخبرات وينتج عنه اندماج ثقافات بين مجتمعين، تؤدي دورها في التفاعل الحضاري وتولّد حوار ناجح وتقارب فكري وثقافي متبادل.
فالأمةً العربيّة ذات رسالة سامية وحضارة إنسانية ففي العصور الوسطى، تفاعلت الشعوب العربية مع المجتمع الأوروبي ونشأت علاقات تاريخية معاصرة، ومن بين أبرز تلك العلاقات ما نشأ بين الفرنسيين والعرب، فقد كان بعض الطلاب العرب يلتحقون بالجامعات الفرنسية لإكمال دراستهم واكتساب العلم والمعرفة.
وإنّ أول مسجد في أوروبا تم بنائه في باريس.
وعلى مرّ السنوات تشكلت السياسة الفرنسية تجاه العرب التي كان يقودها الجنرال ديغول وكان يسعى للتوازن والاعتدال في سياسته. وفي الوقت ذاته، كان ديغول مناصراً لقضايا العرب، وكانت تربطه صداقات وثيقة مع رؤساء المنطقة العربية، خصوصا ً : الصداقة المتبادلة التي جمعت بين الجنرال ديغول و المغفور له الملك الحسين بن طلال، والتي حازت على الإعجاب الدائم وأسّست لعلاقة ذات عمق و جودة بين فرنسا والأردن، تُمليها الجغرافيا والتاريخ.
أمّا مانشهده في العلاقات الدولية، فأن كل دولة تخلق طريقًا من خلاله يمكن أن تصل إلى الآخر وتؤسس لها مكانًا في دائرة العولمة ؛ وكل جزء يعطي جوهره بطريقة معينة.
وبذلك ، فإنّ العلاقات الخارجية الأردنية قائمة منذ عقود لا سيّما العلاقة طويلة الأمد مع فرنسا والتي ارتكزت منذ عقود على إبرام اتفاقية التعاون الثقافي والفنّي عام 1965 بين البلدين، لإدارة وتطوير التعاون اللغوي في مجالات التعليم والبحث العلمي. ووفقًا لتلك الاتفاقية؛ سعت المملكة لشمل تدريس اللغة الفرنسية في مختلف المؤسسات التعليمية. بالإضافة إلى أن البلدين تبنّوا آليّة لتسيهل عمل المؤسسات الثقافية والعلمية والتقنية؛ كالمعاهد والمؤسسات التعليمية والجمعيات الثقافية ومراكز البحث العلمي في كل بلد و بموافقة السلطات الوطنية المختصة، مع الحرص على دعم التعليم بتحفيز زيادة عدد المنح الدراسية للطلاب الذين يرغبون في إكمال دراستهم في البلد الآخر.
وتلى هذه الاتفاقية التاريخية توسيع دائرة التعاون والشراكة بين فرنسا والأردن، في العقدين الأخيرين تميّزت العلاقات الأردنية الفرنسية وشملت التعاون في مجالات عديدة هامّة، أبرزها في المجال الاقتصادي والسياحي والأثري، الى جانب الاهتمام والتمكين المجتمعي وتعزيز وتطوير تقنيات التواصل، وكذلك التعاون بين البلدين، بدعم الجهاز القضائي والتنسيق والشراكة الاستراتيجية.
فالمملكة الأردنية الهاشمية ذات السياسة الحكيمة المتّزنة، دولة تحظى بالثقة الدولية في العالم بمختلف أقطابه. وتُعتبر مركز جذب ومحطّ أنظار الدول وحتّى الكبرى منها.