أقتلوهم «بناقص شلة فاسدة»!!
ياسر زعاتره
20-04-2010 05:10 AM
"يا وزير الداخلية: إحنا 80 مليون ، بناقص شلة فاسدة".
هذه إحدى العبارات التي وردت على لسان نائب من الحزب "الوطني" الحاكم في مصر ، وهي جزء من مطالب لثلاثة نواب من ذات الحزب لوزير الداخلية بضرورة إطلاق النار على المتظاهرين كي لا يخرّبوا البلاد ، ردا على ما رأوه تهاونا من الأجهزة الأمنية في التعامل مع المتظاهرين من شباب 6 إبريل ، كما باتوا يعرفون في مصر.
من المؤكد أننا إزاء مشهد موغل في السوريالية ، فالنواب عادة ما يغازلون الناس بمواقفهم المعلنة ، بينما يأخذون مواقف أخرى في السر ، وأحيانا في العلن مع الغالبية الرسمية ، لكن الذين وصلوا إلى مجلس الشعب من دون إرادة الشعب ، بل رغما عن إرادته لن يكونوا معنيين بالجماهير ولا برضاها.
والحق أن الحكاية التي نحن بصددها لا تتعلق بمصر وحدها ، كما أن من العبث حشر القضية في واقعة واحدة ، وإن تكن بالغة الإثارة ، ذلك أننا إزاء وقائع متكررة من التنكر للشعب ومطالبه وهمومه يمارسها نواب محسوبون على تجارب ديمقراطية لا تنتمي البتة إلى الفضاء الديمقراطي الحقيقي ، اللهم إلا من أشكال وهياكل خارجية تتمثل في صناديق اقتراع وانتخابات لا تؤثر شيئا في المسار السياسي القائم ، بل تزيده في كثير من الأحيان بؤسا على بؤسه ، إذ تفرز مزيدا من الشلل الفاسدة التي تتحالف مع النخبة التي تحتكر السلطة والثروة ، فتغدو النتيجة اتساع دائرة المنتفعين ومعهم فضاء الفساد والنهب ، وإلى جانبه التنكر لهموم الناس الداخلية اليومية والخارجية القومية في آن.
المصيبة أن المظاهرات التي احتج النواب الأشاوس على "حضارية" الأمن في التعامل معها لم تكن سوى مظاهرات محدودة شارك فيها بضعة مئات من الشبان ووجهوا بعشرات الآلاف من رجال الأمن الذين لم يقصروا في أداء واجبهم من ضرب وتكسير ، ومع ذلك وجد نواب الحزب الحاكم أن ذلك لم يكن كافيا ، إذ لا بد من إطلاق الرصاص الحي ، وهو منطق سياسي ذكي بالطبع ، لأن المطلوب هو أن يُشرّد بهم من خلفهم ، وأن يكون موتهم المعلن درسا لسواهم كي لا يتجرأوا على النزول إلى الشوارع ، حتى لو كان فعلهم ذلك تأييدا لمحمد البرادعي وليس للإخوان ، فضلا عن أن يكون للشيخ عمر عبدالرحمن ، وحتى لو كانت مطالبهم هي تغييرات دستورية تعبر عن أشواق الناس في الحرية والتعددية والعيش الكريم.
ألسنا في واقع الحال أمام مهزلة من العيار الثقيل تعبر بدورها عن هزال هذه التجارب التي يجري بيعها على أنها تجارب ديمقراطية ، فيما هي مجرد ألعاب بهلوانية تخفي حقيقة تحكم نخب معينة بالسلطة والثروة على حساب الناس وقوتهم وقرارهم السياسي؟،.
هل لعاقل أن يتخيل حصول حزب هذه عينة من نوابه ، بينما تتوزع العينات الأخرى على رجال أعمال أثروا بالطرق المعروفة ، فضلا عن منتفعين من كل شكل ولون ، هل له أن يتخيل حصوله دائما وأبدا على الغالبية الساحقة من أصوات الناس؟،.
المصيبة هي أن دعاة الحرية والديمقراطية في الولايات المتحدة والغرب لا يلتفتون إلى ذلك كله ، وما الانتقادات التي وجهتها واشنطن للقمع الذي ووجهت به المظاهرات إياها قبل أسبوعين سوى رفع للعتب ، ومن تابع الموقف من مظاهرات "الإصلاحيين" في إيران سيدرك الفرق من دون شك.
الدستور