قبل (١٥) عاما أطلق جلالة الملك الاستراتيجية الوطنية للشباب، ومنذ ذلك الحين لم تفلح الحكومات المتعاقبة في تحقيق الأهداف المنشودة الواردة في الاستراتيجية، حيث بقيت الجهود متواضعة واستبدلت الإستراتيجية بالأُخرى وبقي الملف الشبابيّ مجرّد شعار حكوميّ لم يُقدّر له وأن يحظى بذات الأولويّة الملكيَة التي يستحقّها في بلدٍ فتيّ يمتلك من الطاقات والقدرات الشّابة ما لا يملكه غيره.
ونركّز هنا على الدور المحوريّ المرجوّ من وزارة الشباب، فدورها أساسيٌّ يدخل في جميع القطاعات ولا بدّ من تشبيكه مع كافة الوزارات والمؤسّسات ذات العلاقة الرسمية وغير الرسمية لغايات تقديم الدعم اللّازم للشباب، فمهمّتها الأولى قائمة على استنهاض همم هذه الفئة الأساسيّة وتحفيز مهاراتها الإبداعية في المجالات جميعها وتنقية فكرها من الشوائب عبر غرس القيم الوطنية في عقيدتها، ووضعها على الطريق الصحيح.
وهنا؛ علينا أن نراجع أسباب تراجع الإنجازات السابقة على مستويات الرياضة والفنّ والأدب وهي كثيرة بلا شكّ، ممّا يستلزم ورشة عمل متعدّدة الأطراف تعالج مكامن الخلل وتدرس كيفية توجيه هذه القوى الكامنة نحو الإنتاج والابتكار والإبداع.
ومن أمثلة الدعم المباشر لهذه الفئة العريضة، استحداث صندوق دعم على غرار صندوق الشباب الفلسطيني، تتنوع خدماته لتقدم الدعم الماليّ واللّوجستيّ للشباب من كلا الجنسين لغايات العمل الحرّ والزواج والإسكان إضافة لتخصيص حزم خاصة للشباب لدى صندوق التنمية والتشغيل والإقراض الزراعي وغيرها من مؤسسات المال.
فوزارة الشباب ليست بالوزارة التي تغرق بالورق وبيروقراطية العمل اليومي، بل هي وزارة الإبداع والإبتكار والتفكير خارج الصندوق، وكي تضطلع بمهامها على الوجه الأكمل؛ عليها أن تبقى منفتحة على الشباب لتكون اجتماعاتها ولقاءاتها معهم في حالة انعقاد دائم تتلقى من خلالها وعبر الوسائل الإلكترونية الأفكار والعقبات والحلول اللازمة لتجويد الأداء والارتقاء به، فرغم كل الجهود ما زالت الحركة تقليدية وما زال العمل روتينيّاً لا يفكّر خارج الصندوق بدلالة النتائج الضئيلة.
لدينا الآن لجنة أولمبية تتولى الاهتمام بالجانب الرياضي مع الاتحادات المختلفة، وقد أحرزنا تقدماً نسبيّاً في المجال الرياضي، لكن بمقدورنا أن نعتلي قمم المنافسات الرياضية بصورة أوسع إذا استقطبنا المهارات عبر توسعة مظلتها وخلقنا الحوافز لتصبح الرياضة ثقافة، وإذا أطلقنا للفكر عنانه ليعود على الوطن بالنفع في المجالات الثقافية والفنية المختلفة التي كنّا أسيادها ذات زمن، وعماد ذلك كلّه الشباب وحدهم لا أحد سواهم.
نحتاج اليوم أن نتعامل مع هذه الفئة كصاحبة أولوية لا كقطاع ثانويّ، صاحبة رأيٍ لا متلقّية فحسب، وأوّل الأسس المؤدّية لذلك هو الاستماع لرأيها، وإفساح المجال لها كي تطرح الحلول للمشكلات التي تواجهها، عبر حوار مستمرّ واشتباكٍ إيجابيّ مثمر في ضوء الأوراق الملكية النقاشية التي رسمت خارطة الطريق لهذه النهضة البشرية، فهذه الفرصة السكانية عزيزة وهي أساس التجديد والنهضة والبناء.
والله من وراء القصد
(الرأي)