ما المعنى الحقيقي للمعارضة بكافة اشكالها؟
هو أن يعارض الشخص فكرة أو قرار تم اتخاذه من قبل شخص أو مجموعة أشخاص , في حين يرى المُعارض بأنّ هذه الفكرة تتعارض مع طموحه و مصالحه و قراراته.
إن اخذنا مبدأ المعارضة و اسقطناه على المنزل بقطبيه الرئيسيين ( الام والاب ) سنجد بأنّ المعارضة و الاختلاف بينهما ضروري خاصّة إن تعارضا فيما يتعلّق بتربية الابناء , و هنا سوف تخلق المعارضة نتائج مرضية للجميع طبعا إن نوقشت بمنطق و حكمة , و في النهاية سوف تؤثر ايجابياً على الابناء و تخلق اجواءا من التشاركية الاسرية البعيدة عن التصادم و النزاعات.
المعارضة ضرورية جدا في بيئة العمل ايضا , لأن الركود في الافكار سوف يخلق روتينا مُملا لا ابداع فيه , في حين إن طبّقت معايير المعارضة الخلّاقة و نوقشت نتائجها بلا شخصنة أو تحيزات سوف ترتفع في المحصلة انتاجية المؤسسة التي تبنّت مبدأ تقبّل الاختلاف المنطقي و استثمرته لتحقيق المكاسب.
مفهوم المعارضة أو بالاحرى اشباه المعارضة في عالمنا العربي بحاجة إلى اعادة هيكلة و تعريف , فالشتائم و التخوين و هدم الاشخاص هو مبدأ من يدّعون بأنّهم يعملون لرفعة الوطن , في حين إن أُخذوا كمثال للاختلاف سوف تتشوّه صورة ذلك الوطن الذين يدّعون كذبا العمل لمصلحته و هنا لا اقصد اشخاصا بحد ذاتهم بل طرقا للحوار و النقاش , فدائما الافكار تسقط إن اختلطت بالاسلوب البعيد عن الادب , و لا اختلافا يستحق أن يُناقش إن مزج بالالفاظ البذيئة , ناهيكم عن الصراخ و طرح الافكار الغير منطقية التي حتى اصغر طفل في وطننا سوف يغشى ضاحكا إن سمعها .
مشكلتنا في عالمنا العربي بأننا ندمج الافكار بالاشخاص , فإن لم تعجبنا الفكرة نبدأ بجلد صاحبها دون أدنى فرصة للتوضيح أو حتى النقاش , فنحن الآن في أمسّ الحاجة لتعلّم فن تقبّل الاختلاف , ذلك الفن الذي يلزمنا التركيز على الاسلوب قبل الفكرة بحد ذاتها فالفكرة متغيّرة و الاسلوب هو الباقي , و مثال شخصي على من كسبوا محبة الناس باسلوبهم القريب و البسيط خلال فترة جائحة كورونا هو الدكتور سعد جابر فطريقة حواره الدافئ اكسبته محبة المواطنين في حين إن قارنّا فترة توليه منصب وزير الصحة بالفترة الحالية تحت قيادة الدكتور نذير عبيدات سنجد بأنّ القرارات الاهمّ طُبّقت في عهد الدكتور عبيدات إن كانت من ناحية اقامة المتسشفيات الميدانية أو حتى باستيراد المطاعيم و البدء بإستخدامها , إذن في المُحصلة اسلوب الشخص و طريقة قيادته للنقاش هو من يُعظّم من قيمة حواره و يكسبه احترام المختلفين معه و مع افكاره قبل المؤيدين حتى .
إن ركّزنا على احاديث و مقابلات جلالة الملك سوف نرى محطات كثيرة شدد فيها على اهمية الاختلاف و النقاش , فدائما ما يوجّه كلامه للشباب مشجعا اياهم على النقاش و طرح الافكار المختلفة و الحوار , فالبلد لا تبنى بالهدم و مبدأ الغاية تبرر الوسيلة هو مبدأ الضعفاء الذين يغلّفون غايتهم الضعيفة بكل ما هو مخالف للمنطق و المشروع .
إن نظرنا للغرب و المعارضة المنبثقة من اروقته السياسية سنجد بأنّ المعارضة المنطقية تكسب احترام كافة اطياف المجتمع في حين تلك التي تلهث وراء الاسرار الشخصية و القائمة على مبدأ الفضائح و الشتائم هي من تُهمل و لا يسمع صوتها , فالاختلاف ضروري للاوطان بشكل عام نظرا لتعدد زاوية النظر الذي ينتجه الاختلاف و الذي في النهاية يصب في مصلحة المجتمع و البلد ككل .
في النهاية حفظ الله الوطن و قائده , آملين أن تنتهي هذه الفترة العصيبة ليستعيد العالم برمته عافيته من هذا الوباء .