مئوية الإنجاز رسالة أمة في وطن 7/7
د. حازم قشوع
15-01-2021 12:07 AM
لقد كان النهج السياسي الذي اختطه الهاشميون في التعاطي مع المشهد العام في المحافل العربية والإقليمية والدولية نهجًا مميزًا منطلقًا من حسن القراءة، وسعة الدراية، والقدرة على الاستشراف، والثبات على القيم المبادئ برسم صورة واضحة وجليلة للدبلوماسية الأردنية منذ لحظة الانطلاق والتكوين، وفي مرحلة الاستقلال، والبناء، والتعزيز.
لقد عملت الدبلوماسية الأردنية في نسق واضح ومرن للاستجابة للظروف الموضوعية دون التأثير على الثوابت، وتعاطت مع كل مرحلة بحكمة عميقة، ودأبت على تحويل كل منعطف عصيب فيها إلى منطلق قويم، فحققت بذلك عامل المصداقية الذي هدفت إليه، وكسبت عبر ذلك عنصر الثقة، وكوّنت نفوذا ذا أثر واسع من خلال سلسلة تراكم الإنجازات التي اتبعتها في عملية استقطاب مباشر وغير مباشر لنفوذها الدبلوماسي، حتى أن الجسم العربي كان يحرص دائمًا على الاستثمار فيها، كما حرصت قوى دولية عديدة على الاستحابة لحسن تقديرات المواقف الأردنية على الساحة الدولية، فكان أن شملت الدبلوماسية الأردنية مناطق نفوذ كبيرة في مساحة دوائر تأثيرها، وأصبحت ذات تأثير واسع، وأثر سياسي عميق.
وإذا كانت الدبلوماسية الأردنية قد نجحت في الذود عن الوطن ومقدراته وعن الأمة وقضاياها، فإن تحركها الدؤوب ونشاطها الملحوظ جعلا منها حالة تجسد الذات العربية، وترسم صورة الإسلام الصحيحة في كل المحافل الدولية، كما شكلت الطابع العام لسياسة الاعتدال المنسجمة مع قرارات عمق الدولة العالمي، حتى غدا جلالة الملك عبدالله الثاني ينطق أمام العالم في قضايا مفصلية، وغدت الدبلوماسية الأردنية المستندة على الثوابت والقيم، والمنطلقة من منطلقات راسخة، تقوم بأدوار دول كبيرة، الأمر الذي جعل الاستثمار بالاستقرار الوطني ممكنًا إن لم يكن ملزمًا للمجتمع، لذا فإن صوت الأردن يجب ألا يغيب، كما أن نهج سياسته الخارجية يجب أن يبقى محط ترحيب، وعنوان تقدير.
وعندما تتحرك الدبلوماسية الأردنية تتحرك المنظومة العربية، وتؤثر على القوى الداخلة والمتداخلة في المشهد الإقليمي، وهي الجملة التي لا يكاد سياسي أو دبلوماسي إلا ويرددها عندما يرى العلم الأردني أو يسمع الخطاب الأردني، وذلك لقرب الدبلوماسية الأردنية من معظم الأطراف الداخلة أو المتداخلة من جهة، وقربها من بيت القرار وصناعته، حتى كان خطاب السياسة الأردنية لا يشير فقط للإشكالات أو يؤشر للتحديات، بل يضع حلولًا موضوعية يمكن البناء عليها دون مزاودة أو مواربة، وهذا ما جعل القوى المتابعة للمشهد العام تحرص على الاستماع للسياسة الأردنية كونها الأقرب للسياق المقبول والموزون وليست بعيدة عن مطبخ صناعة الأحداث في بيت العمليات أو صياغة القرارات داخل بيت القرار، لذا فإن تقدير الاستشعار للسياسة الأردنية عميق ورزين.
وعملت الدبلوماسية الأردنية بشكل واضح وحقيقي للوقوف مع القانون الذي أعطاها صفة وقالب الدولة في بيت القرار الأممي، حيث اختلفت الدبلوماسية الأردنية مع كل سياسة تبتعد عن القانون الدولي ولا تنفذه حتى لو كانت تلك الدولة عظمى، ووقفت دائمًا بجانب القانون الدولي وسعت إلى تنفيذه ، لذا حظيت بمكانة مرموقة في نيويورك، حيث بيت القرار الأممي، كما حظيت باحترام واسع لدى الأسرة الدولية جراء موقفها الواضح حيال كل القضايا الدولية، وهذا لأنها منطلقة من قاعدة راسخة تعمل كي تحيا الدول والبشرية حياة الإنسانية، لا أن تحيا حياة الغابة، وهو ما جعلها محط تقدير، وعظيم ثناء، وحسن تقدير.
الدستور