عبرت الدولة الاردنية مئة عام بحلاوة الذوق وسياسة الاعتدال وعدم الانحياز وتوازن المواقف والحفاظ على علاقات الأخوة العربية والإسلامية وعطاء أبنائها المخلصين الأوائل الذين تمتعوا بمواقف الرجولة والانتماء وحفظ ماء الوجه.
لقد خاض الأردنيون الأوفياء معارك كثيرة من الصعوبات والعقبات على الصعيدين الداخلي والخارجي وذاقوا مرارة الحفاظ على وطنهم ووأد محاولات إثارة الفتن وزرع الفرقة وتمسكوا بمبادئ الإخلاص للوطن وأهله بعيدا عن شرذمات وبراثن الضلال والانحراف وهواجس الخوف والشؤم.
وبدأ الأردن حياته بمؤسسات ذات نسيج قوي ومعطاء ومنها المؤسسة التشريعية والسلطة التنفيذية والقضاء العادل النزيه الذي وقف له رجال صدقوا وكانوا على درجة عالية من الجدية والاتزان والحكم بالعدل ولا يطأطئون رؤوسهم للمال الحرام والجاه الزائف.
الأردن وعلى الرغم من محدودية موارده لكنه كان غنيا برجاله الذين ما خانوا وطنهم يوما وتجلدوا امام العواصف وصمدوا في وجه الأعداء وذاقوا مرارة العيش وهاماتهم مرفوعة في سبيل عزتهم وكرامة وطنهم.
واجه الاردن تحديات كبيرة من العدو الاسرائيلي المتغطرس ومن يدعمه ويقف خلفه وخاض حروبا ووأد فتنا داخلية وخرج منها قويا متعاظما وعانى من تدحرج علاقاته احيانا مع جيرانه العرب وبقي الأردنيون صفا واحدا مستقيما وان مر باثار بعض الأهواء والنزوات هنا وهناك.
اما في هذه اللحظات التاريخية من العنف الاقليمي والدول وكثرة الأحداث وتتابعها وما لها من تأثيرات سلبية على الواقع الأردني اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وما جرى من تراجع اقتصادي وخلل اجتماعي وتراجع التعليم ودخول أياد غير نظيفة إلى مواقع المسؤولية وممارسة الفساد وهدر موارد الدولة وانتشار آفة المخدرات وظاهرة العنف والبلطجة والاعتداء على الآمنين وتراجع المؤسسات التشريعية والقضائية والتنفيذية... فقد بات في حكم المؤكد اننا بحاجة إلى وقفة طويلة للمراجعة والتحليل وتشخيص المشكلات واعادة البناء من جديد من خلال دحر الأيادي غير النظيفة وعدم تجربة المجرب واختيار قيادات جديدة من أبناء الاردن المخلصين وتقليدهم المسـؤوليات والشد على ايديهم لوضع حد للفساد وتطوير التعليم ورأب المرافق الصحية وتطبيق القوانين والأنظمة بحزم بعيدا عن المحاباة والشخصنة آخذين بعين الاعتبار المصلحة العليا للوطن وأهله.