فحص ال (PCR) والتشكيك بالنتائج
د.سعد الخرابشة
13-01-2021 02:30 PM
يشاع بين الحين والآخر التشكيك بمصداقية ودقة اختبارات ال PCR فيما يخص الكشف عن الإصابة بمرض كوفيد- 19 فتسمع روايات من بعض الناس مفادها " أنني أجريت فحصا في مختبرمعين وكانت نتيجتي إيجابية وقمت بإعادة الفحص في مختبر آخر وكانت نتيجتي سلبية وهكذا.
ولكي أطمئن السادة المواطنين أورد الحقائق العلمية التالية التي تتعلق بهذا الإختبار وشروطه وتفسير نتائجه بالصورة الصحيحة:
1. من المعلوم أن لكل اختبار خاصيتين أساسيتين وهما حساسية الإختبار (Sensitivity) أي مدى قدرة هذا الإختبار على الكشف عن أعلى نسبة مئوية من الحالات المرضية في مجتمع معين أو ضمن فئة مستهدفة بهذا الإختبار وبعبارة أخرى قدرة الإختبار على تصنيف كل الحاملين للمرض في الفئة المستهدفة بأن نتائجهم ايجابية. والخاصية الأخرى هي نوعية الإختبار(Specificity) أي مدى قدرة الإختبار على تصنيف كل من لا يحملون المرض في الفئة المستهدفة بأن نتائجهم سلبية. ومثاليا يفضل أن يكون الإختبار حساسا بنسبة 100% ويتمتع بنسبة نوعية 100% أيضا. إلا أن ذلك للأسف لا يحصل في واقع الحال في معظم الإختبارات الطبية ومن ضمنها اختبار ال PCR وهو موضوع هذه المقالة. فيمكن أن تكون نسبة الحساسية 90 % مثلا ونسبة النوعية 95 % وهذه النسب قد تختلف من شركة مصنعة لأخرى وتعتبر نسب مقبولة علميا وعمليا.
المقصود من هذه التقدمة أنه في أحسن ظروف إجراء الفحص المخبري تبقى هنالك نسب قليلة لنتائج الفحص المخبري تصنف على أنها نتائج سلبية كاذبة (False negative) أي أن الشخص يحمل المرض ومصاب لكن الإختبار كان قاصرا عن إظهار النتيجة الحقيقية له وصنفه خطأ بأن نتيجته سلبية، وهنالك أيضا نسب قليلة تصنف على أنها نتائج إيجابية كاذبة (False positive) أي أن الشخص لا يحمل المرض وغير مصاب لكن الإختبار كان أيضا قاصرا عن إظهار النتيجة الحقيقية له وصنفه خطأ بأن نتيجته إيجابية.
2. تتوقف دقة نتيجة الإختبار على نوعية العينة المخبرية التي تجمع من الشخص المفحوص من حيث مهارة جامع العينة وطريقة حفظ ونقل العينة لحين وصولها للمختبر بالإضافة لسلامة إجراءات الفحص المخبري داخل المختبر والإلتزام بالبروتوكول المتبع. فإذا كانت العينة المجموعة غير كافية أو تم جمعها على عجل بطريقة غير سليمة يمكن أن تعطي نتيجة سلبية كاذبة.
3. تتوقف مصداقية ودقة النتيجة أيضا على الفترة الزمنية التي أخذت فيها العينة من الشخص. ففي حالة جمع عينات من أشخاص مخالطين لا يعانون من أعراض مرضية فيجب أن يكون وقت جمع العينة بعد 5 الى 7 أيام من تاريخ بدء الأعراض على المصاب الذي تم مخالطته وليس قبل ذلك وبعكس ذلك يمكن أن تكون نتيجته سلبية كاذبة لأن العينة جمعت منه بالوقت غير المناسب.
4. تتوقف النتيجة أيضا على عتبة الدورة (Cycle threshold) المعتمدة لدى المختبر المعني بفحص ال PCR. وبخصوص عتبة الدورة فقبل أن أوضح دورها في تحديد النتيجة الإيجابية أو السلبية لا بد من توضيح مفهومها بشكل مبسط حتى تكون مفهومة لغير المختصين. تحدد الاختبارات القياسية عدوى فيروس كورونا-19 عن طريق عزل وتضخيم الحمض النووي الفيروسي الريبي باستخدام إجراء يعرف باسم تفاعل البلمرة المتسلسل (PCR)، والذي يعتمد على دورات متعددة من التضخيم لإنتاج كمية من الحمض النووي الفيروسي الريبي قابلة للاكتشاف. أي أن قيمة عتبة الدورة هي عدد دورات التضخيم التي يقوم بها جهاز ال PCR اللازمة لاكتشاف الفيروس في العينة المخبرية وعند الوصول لهذه العتبة يتوقف جهاز PCR عن الدوران. فكلما كان عدد دورات الجهاز اللازمة لإظهار الفيروس قليلة (أي تكون عتبة الدورة قليلة) يكون الحمل الفيروسي لدى الشخص المصاب كبيرا والعكس صحيح.
أظهرت الدراسات أن المرضى في الأيام الأولى من العدوى لديهم قيم العتبة أقل من 30، وغالبًا أقل من 20، مما يشير إلى ارتفاع مستوى الحمل الفيروسي لديهم؛ وعندما يبدأ الجسم بالتخلص من الفيروس ترتفع قيم العتبة تدريجيًا وهذا يعني تناقص في مستوى الحمل الفيروسي. فكلما كان عدد دورات الجهاز اللازمة للكشف عن وجود الفيروس قليلة يكون مستوى الحمل الفيروسي لدى المريض كبيرا. وقد أظهرت الدراسات الحديثة أن الحمل الفيروسي العالي يمكن أن يؤثر بشكل كبير على مستوى قابلية المريض للإعدائية إضافة أنه يمكن أن يعكس شدة المرض لدى المريض.
فالعينة التي تكون سلبية مثلا على عتبة دورة مقدارها 30 دورة يمكن أن تصبح إيجابية إذا زدنا عدد دورات الجهاز الى 40 دورة مثلا وهكذا. ويمكن لنفس العينة المخبرية أن تعطي قيمًا مختلفة لعتبة الدورة على أجهزة اختبار مختلفة، ولذلك يفضل أن تستخدم جميع المختبرات المسموح لها بإجراء هذا الإختبار إن أمكن نفس نوعية الأجهزة ونفس عتبة الدورة (Cycle threshold) حتى يتم التخلص من التضارب في النتائج ، كما وأرى انه من حق المريض أو الشخص الذي يرغب بإجراء هذا الإختبار للإطمئنان عن نفسه بالحصول على النتيجة المخبرية من المختبر المعني سواء كانت سلبية أو إيجابية مقرونة بقيمة عتبة الدورة الخاصة بنتيجته كما هو حق للطبيب المعالج والطبيب المسؤول عن التقصي الوبائي ومتابعة المخالطين معرفة هذه المعلومات لأنها تساعد في التعرف على الحمل الفيروسي لدى المصاب وقدرته على نشر العدوى وربما تعكس مدى شدة المرض لديه.
أتمنى أن أكون قد سلطت الضوء على هذا الموضوع الذي ىؤرق الكثير من الناس وبينت أسبابه.