إن الأخلاق هي أساس الشعوب وتاجها وإذا تدهورت تلك الأخلاق أو حدث بها أي خلل تدهور المجتمع كله، فلا ننسى بيت الشعر الشهير لأمير الشعراء أحمد شوقى (وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا) فانتبهوا يا سادة الأخلاق أساس المجتمع ويجب إصلاحها حتى نرتقي بمجتمعنا لكن للاسف انتشر الافلاس الأخلاقي الذي بات ينشر الفساد في بلادي وتعمم ثقافات ما كانت متواجدة في مجتمعنا الأردني للأسف تقوم على إبطال مفعول الدين وتحفز غريزة التوحش التي تؤدي الى نهش لحوم بعضنا البعض..
وهذا ما نشاهده جميعا
والناظر في أحوال الناس اليوم لا يرى أي تعاظم للمنظومة الأخلاقية في نفوس الآخرين أمام المغريات المادية والمصالح الشخصية والمنافع الذاتية، فالتبجح بخلق الأمانة على سبيل المثال ليس أبدا دليلا كافيا على حسن الائتمان في ظل غياب بوادر الصمود أمام شدة الحاجة لما تم الائتمان عليه.
لهذا نعاين في هذا الزمن تراجع الناس معنويا وروحيا في كل شيء له ارتباط بالضمير والحس الإنساني، ربما يكون هذا الحكم قاسيا نوعا ما، وقد يبدوا لكم أنه يحمل شيئا من السلبية والسوداوية، لكننا في الحقيقة لا نستطيع أن نكون أكثر من هذا وإلا وقعنا في المحظور أخلاقيا ونحن نتحدث عن هذا الجانب الجوهري الحساس في الإنسان.
ولا يحتاج كلامنا لدليل أكبر من الواقع المعاش حاليا، وكل القصص التى تنتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي لذا قررنا ألا نقيسه إلا بمقياس الأخلاق بالرغم من أننا في زمن المظاهر ولو أن منطق الحياة المعاصرة يفرض علينا أن نحسب حساباتنا بمقاييس أخرى بعيدة عن الأخلاق، إلا أنه لا يمكننا أن ننفصل بشكل نهائي عنها، ولن نستطيع وإن أردنا ذلك بالقوة، فمهما ابتعدنا عنها في واقعنا إلا وأدركنا جيدا في عمق أنفسنا أن العودة إليها حاصلة ولو بعد حين، فلا يمكن بالمطلق تجاهلها وعدم وضعها في الحسبان حتى وإن اختارت غالبية البشرية الابتعاد عنها طواعية أو أجبرت على ذلك بالإكراه
هذا الانحلال وهذا الفساد لم يأتي في ليلة وضحاها ولم يأتي من العدم بل جاءت نتيجة ظروف معينة وكان له مصادر مغذية سببت له تخمة حتى خرج عن السيطرة إن انفصال الناس عن الأخلاق الإنسانية النبيلة له صور متعددة في هذا الزمن الذي شاع فيه الزيف في كل شيء ويمكن جمع تلك الصور في الانجراف نحو الماديات والانغماس في حب المظاهر وتحقيق المنافع الشخصية بدون أي حس إنساني بالرغم من أن الناس اليوم أصبحوا أكثر تفاخرا وتغنيا بالأخلاق التي يزعمون التوفر عليها ظاهريا، لكن في عمقهم وجوهرهم لا أثر لوجودها البتة، وهذا ما يدل على عدم اتساقهم مع ذواتهم، فما يهمهم هو إظهار الصورة التي يريدون أن يراها الآخرون عليهم على أنها واقعهم مع أن صورة أخلاقهم الحقيقية مشوهة ومعطوبة وإن غياب قانون الثواب والعقاب داخل الاسرة المفروض ان يُثاب الأبناء على السلوكيات الحسنة ويعاقبوا على السلوكيات السيئة اما الإهمال في هذا القانون الأُسَري سوف يدفع الابناء لتقليد سلوكيات اخلاقية غير مثمرة وغير مرغوبة كانوا يقولون قديماـ أولاد الملايح فضايح ـ
إن تنشئة الأجيال ليس عبأ فقط على الاسرة ، بل ايضا على المناهج التعليمية التي يجب ان تزرع الأخلاق والمثل الاسلامية في الابناء ان التنشئة الاخلاقية السليمة ليست منوطة بمدرس التربية الاسلامية بل يجب ان يلاحظ جميع المدرسين سلوكيات الطلبة في كل زاوية من المدرسة ليكافئ الطالب حسن الأخلاق ويعاقب سئ الأخلاق اما ترك الحبل على الغارب وغض الطرف عن السلوك المشين يزيد من الفشل الدراسي والاخلاقي والتربوي للطلبة الذين هم عماد أوطانهم في المستقبل .
ثم يأتي السؤال الصعب الا وهو…… ما الحل ؟
الحل يبدأ من الاسرة التي عليها واجب التركيز على التوجيه والإرشاد وتقديم النصح وتبيان الصحيح والخطأ بدون الصراخ والعويل بل عبر الحوار الهادئ المتزن والهادف كما يجب على الآباء والامهات ان يراقبوا الابناء بحذر لكي يعرفوا ما يشاهد الابناء على التلفاز وعلى وسائل التواصل الاجتماعي المتوفرة لدى الاسرة أما الثقة المطلقة في إستقامة الابناء فهذا خطأ فادح !!
ويجب ان لا نغفل عن دور الاسرة التعليمية لمراقبة إنحراف السلوكيات في المدارس في جميع مراحلها وحتى الجامعات بودّي أن اقدم احصائية حقيقية عن الزواج العرفي او التحرش الجنسي سواء كان الإلكترونياً او غيره هذه الأمور التى غزتنا اعتقد ان الأرقام مخيفة !
يعمل القائمون على التعليم بحشو ادمغة الطلبة بالمعلومات لاجتياز الاختبارات ولكن لماذا لا يحشون أدمغتهم بأنماط السلوكيات المرغوبة والهادفة والمحبوبة ؟
ومن أهم الركائز لتقويم السلوكيات للشبان والشابات دور الاعلام الذي يجب ان يلعب دورا هاماً وحاسما في رفع مستويات السلوك القويم
يجب على المحطات الفضائية والصحافة ان يتعاملا بجدية مع الفساد الاخلاقي والسلوكي وعدم التستر على من يتسببوا في افساد المجتمع على القنوات الفضائية ان تقدم برامج هادفة ومركزة على حسن الخلق والتربية الصالحة والقدوة الحسنة وتاريخنا الاسلامي ملئ بمثل هذه النماذج بدلا من التنافس العقيم على المسلسلات الرمضانية غير الهادفة سوى التسلية.