رسالة إلى عبدالكريم الدغمي
د. محمد عبدالكريم الزيود
12-01-2021 05:48 PM
أعترف أن كلمتك أيقظتْ بي كلّ الحب، الحب لبلادنا التي أنجبتكَ، وأحيت بي ولجيلي أن رجال الدولة ما زال فيهم بقية مثل عبدالكريم، وسرتْ بي لغتك العالية كقشعريرة وطنية، ومن اللغة ما يشبه الرصاص، ومن اللغة ما يشبه الدمع والمطر في زمن القحط والجفاف، كيف وإن كانت كلمتك قصيدة ممزوجة بالحزن والقهر على ما تبقّى من الوطنيين في بلادنا ونحن نحتفل بالمئوية الأولى لدولتنا البهيّة.
لم تكن كلمتك أمام النواب ثمّة كلام عابر لجلسة عابرة لحكومة عابرة لا تشبهنا بشيء، وإنما سيرة ذاتية للأردنيين الذين قدموا الوجع العربي على وجعهم الأردني، وفتحوا بيوتهم للعرب، وإنتفضوا شهداء لفلسطين وللعراق ولسوريا ودمهم ما زال أخضرا وأضرحتهم ما زالت مزاراتا ومساجدا.
كان صوتك يا ابن عمي وابن دمي شامخا جريئا مثل سيف أبيك، لم تكسرك المؤمرات، ولم يثني ذراعك مؤسسة، ولم تخضع لأمر موظف، فهل ابن فيصل الدغمي يروض ويدّجن في عصر ترويض الرجال.
بكينا معك شعر حبيب الزيودي على "وطن لم يظل لنا فيه غير القبور"، وطفت بنا مع سيرة حابس المجالي ووصفي التل وزمن الفرسان والسيوف والعسكرية ودروب الطيب، وهم مثلك صنعوا وطنا بقبضات أصابعهم، وحموا بصدورهم الوطن عندما فرّ أصحاب الولاءات المعروضة للبيع، ولم تبقَ إلا العشائر تذود عن حماه ونادوا يومها: يا حسين حنا عزوتك..
صرختك يجب أن لا تذهب، وحريّ بهم أن يسمعوها، والدولة عندما تغضب لا تأكل أولادها، وإنما تتاجر برجالها، لا تتبع الإنجليز في قتل خيولها، وفرق كبير بين رجال الدولة وبين موظفي الحكومة، رصيد الرجال الذي لا يشبه رصيد العملة الصعبة في زمن البانكرز.
وهم يذكرونك في مروج بلعما وفي حضرة الملك عام ٢٠١١، يومها ناديت وبنو حسن من خلفك: الشعب يريد أبو حسين.. وبقيتَ في صف الوطن الذي إنتفض الآخرين للييّ ذراعه ولكن خابوا، وغيرك ولا يرقى لكتفك رتبة قاد المعتصمين فكوفئ بالمناصب.
سلام لصوتك العربي، ولوجعك الأردني، وسلام لوطن يكبر بأمثالك، ما زال ينتج قمحا وشهداء وكرامة وفرسانا.