الاردن بلد صغير ومحدود الموارد نسبيا ومحدود الخبرات أيضا في بعض المجالات وخاصة التقنية والتكنولوجية والأهم من هذا كله ضعف الموارد المالية واعتماده في تمويل مشروعاته على المنح والقروض في الوقت الذي تئن فيه ميزانية الدولة من العجز وتتراكم المديونية الداخلية والخارجية فيه شهرا بعد شهر وسنة بعد سنة.

وعلى الرغم من ذلك دخل في مشاريع لم يكن في الحسبان انها وبناء على المؤشرات الأولية ستكون فاشلة بامتياز وعلى سبيل المثال مشروع الطاقة النووية وإنشاء مفاعل نووي لاغراض توليد الكهرباء والذي كلف خزينة الدولة مئات الملايين من الدولارات وانشئت له شركه اطلق عليها شركة الكهرباء النووية على الرغم من معارضة بعض المختصين والخبراء الأردنيين لمثل هذا المشروع وتبعاته المالية والبيئية وكانت النتيجة طي هذا الملف وإلغاء الشركة بعد اربع سنوات من تأسيسها. هذا بالإضافة إلى مشاريع أخرى ليس المجال هنا لذكرها.

السؤال الذي يطرح نفسه من يقف وراء مثل هذه المشاريع ومن الذي يتبناها ومن الذي يخطط لها اذا كان هناك تخطيط اصلا ومن يتحمل مسؤولية هدر الأموال واستنزاف ميزانية الدولة التي تبنى على ما يدفعه المواطن من ضرائب متعددة ورسوم وجمارك.. الخ.

الأصل في إقامة المشاريع الكبرى ان تدرس بعناية فائقة ومحسوبة بدقة تضع كل احتمالات المخاطرة وتكلفتها في الحسبان وعدم المغامرة في إقامة مشاريع فاشلة. وعندما ألغي مشروع المفاعل النووي قيل ان الرؤية لم تكن واضحة حول هذا المشروع.

من المؤسف والمؤلم حقا ان يصدر تصريح بهذا المضمون بعد مرور عشرات السنوات على بزوغ فكرة مشاريع الطاقة النووية والاستعانة بالخبرات الأجنبية والشركات الدولية واين دراسات الجدوى الاقتصادية الشاملة لأي مشروع كهذا ففي بلد مثل اليابان اذا كان تنفيذ مشروع يستغرق سنتين فإنه يدرس لمدة اربع سنوات آخذين بعين الاعتبار جميع الاحتمالات والتحوطات لانجاح المشروع والا فلا يتم تنفيذه.

آن الأوان للمراجعة والاتعاظ من تجارب الماضي وعدم المجازفة بأموال الخزينة واضاعة الوقت والجهد في مشاريع كبرى فاشلة واكبر من امكانياتنا وطاقاتنا وعلينا الاستثمار في المشاريع الصغيرة والمتوسطة ومراعاة الأحوال البيئية وشح المياه وضعف لموارد الماليه.