الكورونا فَرَّقت .. ومحبةُ الأَوطان جَمعت (عن الأردن لبنان وفلسطين أتحدث)
د رهام زهير المومني
11-01-2021 08:33 AM
كورونا الإسم الأكثر تداولا في سنة 2020 فيروس أصاب عشرات الملايين حول العالم وأفتك بعشرات الملايين أيضا، أجبر الناس على الجلوس بمنازلهم، غّير معظم السلوكيات المُعتادة، أفقد الكثير لما يمتلكون وأصابهم بحالة من الهلع والخوف والإكتئاب، ولأنه سريع الإنتشار أغلق الحدود بين الدول وخاصة الدول التي نعشق ونحب وقريبة من قلوبنا قبل حدودنا، عن لبنان وفلسطين أتحدث.
ثلاثية رائعة من أوطان عشقناها ولها معزة خاصة بقلوبنا جميعا وبقلبي خاصة وباقي الأوطان العربية، منعتنا الكورونا من زيارتها، فمحبة الوطن هي الإنتماء الحقيقي له بكل مقوماته وعدم تبديله أو المساومة عليه، محبة الوطن ليست كلام على ورق، بل شعور وإحساس حقيقي ينبع من الداخل، هي فطرة غريزية منذ أول لحظة تكّونا في الأرحام، ليست شعارات نتغنى بها، هي قضية مشّرفة نموت كي تَحيا.. ونعيش كي تبقى.. محبة الوطن لا تقل أهمية عن الدفاع عنه والعيش بكنفه، وتحتاج إلى رجال شرفاء صادقين بالعهد وباقيين عليه، وكما احتضنهم الوطن احتضنوه..
تُشكل الثلاثية الرائعة من أوطان بحجم السماء، أحلى الذكريات وتوثق أجمل اللحظات مع ناس أحببناهم وعملنا معهم فرحنا معا وتشاركنا الهموم، سافرنا وتقاسمنا اللقمة، لعبنا مرحنا وجمعتنا المحبة والهدف السامي الذي عملنا ونعمل لأجله، بيوتنا فَتحت أبوابها لتقول حللتم أهلا ووطأتم سهلاً، وأوطان أشعرتك بأنك جزءا منها، ثلاثية تجتمع عالخير وتآلف القلوب وتشتاق لرؤيتها وذكرياتها الجميلة، وأولها أردن العز والشهامة.
وطني الأول الأردن.. مركز العلم والثقافة والعلاج المتقدم، أول حب في الحياة، هو الحاضنة للماضي والحاضر والمستقبل الصانع للأمجاد، هو العطاء اللامتناهي، الصمام الذي ينبض بالحب، التاريخ الأبيض المشّرف، هو العائلة التي تجمعنا وتجمع العالم، هو الهوية والذات والوجود الأبدي، هو كرامتنا الأبدية.
تعجز الكلمات عن وصف جمال طبيعة وتاريخ وعظمة وأصالة شعب الأردن الشهم المشهوربالكرم والشجاعة والدفاع عن الأرض، وإنتشار قوات حفظ السلام في كثير من البلدان، مئة عام ونيف مضت ونحن نحتفل بإفتخار بتحقيق الوطن للإستقلال والحرية والوحدة، وعزيمتنا عالية نحن الأردنيين من مختلف الأصول والمنابت لما حققناه من إنجازات تنموية على مستوى محلي ودولي وعالمي، فالهاشميون قدموا أنموذجاً متميزا عبر السنين في الإنسانية والقيادة الفعالة بالرغم من كل التحديات الإقتصادية وتداعيات الحروب العالمية والإقليمية من هجرات ومآسي، وأصبحنا بالأردن رقم صعب في الإقليم وعنصرا فعالا في أمنه وإستقراره ونهوضه وحضوره العالمي المؤثر ودوره في حل المشاكل الإقليمية والإنطلاق نحو المستقبل برؤية متفردة. ويستمر طموحنا الكبير اللامتناهي نحن الشعب الأردني الوفي في المئوية الثانية لتحقيق مزيداً من الوحده، وعلى العهد باقون مؤمنون ومخلصون للوطن لتعزيز الثوابت الوطنية والعربية والثقافية التراكمية، ومؤمنين بدور قواتنا المسلحة والمؤسسات الوطنية في البناء وحفظ الأمن والأمان لمجتمعنا العظيم.
وطني الثاني لبنان .. بلد الثقافة والحريات والديموقراطية الحقيقية، لبنان بجامعاتها العريقة والتي خّرجت أعداداً كبيرة من الساسة العرب، ملجأ المُبعدين السياسيين وحاضنتهم، ورغم المآسي التي مر بها لبنان العظيم والحروب والصراعات التي عانى وما زال يعاني من تبعياتها، وآخرها الإنفجار الكبير لمرفأ بيروت الذي ألحق خسائر فادحة بالممتلكات والأرواح، إلآ أنه أثبت قدرته على تجاوز هذه التحديات التي واجهها من حروب وإغتيالات ومجازر وإحتلال، كيف لا وهو ذلك البلد الجميل الراقي الباقي، بلد الأرز القديم الأصيل، فيها جبال بعلبك الشامخة، وفي بيروت الفرح والطاقة والجمال، وعلى شواطئ صيدا تجد الأمل، لبنان هو الوطن الذي تَغّنى به العشاق، هو الحياة والبهاء والسلام، لبنان سيدة الجمال.
وطني الثاني أيضا فلسطين .. مهوى أفئدة العالمين العربي والإسلامي، أرض الشجاعة والجهاد وأطفال الحجارة، عربية الهوية، أرض الله المباركة، وفيها الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، هي رمز للتضحية بالدم والروح والنفس وحب الوطن، فلسطين هي من تَغّنى بها الشعراء، شعبها هم شهداء على الأرض وصقور محلقين في السماء، فلسطين زهرة وسط الشوك، خارطتها بلا حدود، وحرية مكّبلة بأغلال القيود، فدماؤهم هي التي ترسم الحدود، والقدس عربية وستبقى رمز الإباء والصمود، هي قلب العرب وريحانتها، القدس عاصمة فلسطين.
حب الوطن كبير بقلوبنا، فهو يحتاج لفعل وليس لآلاف الكلمات، ولا لمزايدات أومساومات، ولا لشعارات رنانة، يحتاج آمال وطموحات تتجه إليه لأجل ترابه وسمائه، وبحره وهواءه، لأجل كل روح مخلصة لأجل تقدمه ورفعته وحمايته وصونه والذود عنه، لأجل أن نكون منه وبه وله، فالإنسان بلا وطن، هو بلا هوية، بلا ماضٍ أو مستقبل، وغير موجود فعلياً، ولبناء الوطن إبني الأسرة السليمة فُيبنى المجتمع.
ستنتهي كورونا وتعود الحياة مجددا لسابق عهدها، وتعود الفرحة تملئ القلوب وسأرجع اليك يا بيروت لأزور بحرك وأرزك وروشتك، لأستمتع بجمالك وحسن إستقبالك، لأقضي بين طبيعتك الخلابه أجمل الأوقات مع أرقى الأصدقاء، وللقدس حكاية أخرى فأنا متشوقة لزيارة الأرض المقدسة ورؤية جنات عَدن على الأرض، فكل شبر فيك يا فلسطين طاهر وعربي.