لم يعد الشارع معنيا بأمر الثقة التي سيوليها مجلس النواب إلى الحكومة بكونه واقع لا مفر منه، بقدر التكهن أحيانا بالنسبة التي ستتأتى من مجموع المشاركين في الاستفتاء من أعضائه على "صلاحية" الحكومة.

ليس مهما إن حصلت الحكومة على نسبة تصويت عالية أو متواضعة، الأصل في المعادلة الانتخابية تحقيق النصف+ واحد ليمكنها من اكتمال شرعيتها في الحكم، ومن حق الحكومة أية حكومة أن تستخدم وتسخر كل أدواتها طلبا في الثقة شأنها في ذلك شأن أي مرشح ينشد ثقة ناخبيه.

لسنا معنيون في مدى تمثيل مجلس النواب الحالي لمجاميع الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم بما لا يتعدى ال 29% والتي لها أسبابها، فالبعض تذرع بالجائحة والآخر بعدم اقتناعه ربما بنزاهة الانتخابات التي عُرف بعض أعضائها قبل إجراء العملية الانتخابية برمتها، ما يهمنا هو مدى استقلالية المجلس في صناعة قراره بنفسه والارتقاء بأدائه ليعيد الثقة بالمؤسسة التشريعية، وإيمان أعضاء المجلس بأهمية الدور المنوط بهم بعيدا عن المصالح ومقايضة المواقف الشخصية على حساب الشأن العام بما يعزز المحسوبيات والابتعاد أشواطا عن مبدأ تكافؤ الفرص.

أداء المجلس الحالي على المحك، وبخاصة في ظل معطيات صحية طارئة ألقت بظلالها القاتمة على الوضع الاقتصادي وفاقم من معدلات الفقر والبطالة بين مختلف فئات الشعب، بما يملي أداءا غير مسبوق من جانب النواب كتفا إلى كتف مع غرفته الثانية "مجلس الأعيان".

نرجو أن لا نسمع مفردات تكررت على مسامعنا في مجالس سابقة أثناء جلسة التصويت على الثقة التي من المتوقع أن لا تتعدى يوم الثلاثاء على أبعد تقدير، مثل "ثقة ونصف"، من باب التقرب والتزلف للسلطة التنفيذية وتسجيل المواقف سلفا، بما يقلل من سطوة المجلس كسلطة رقابية تسهم في تقويم الأداء الحكومي حال خروجه عن السكة.

على مجلس النواب الحالي أن يتعظ من دور بعض المجالس السابقة التي أصيبت بالشلل وقلة الحيلة، نتيجة لعدم التدبر والتفكر قادت إلى قطيعة مع الشارع انعكست تداعياته إضافة لما سبق ذكره على نسبة اقتراع المجلس الحالي.

لا زالت الفرصة قائمة أمام النواب في تقديم أداء راق يعزز من دور السلطة التشريعية ويعيد إلى العمل النيابي أهميته، في أن يكون عامل بناء يسهم في تكوين منظومة اجتماعية محصنة تشكل جدار صد أمام أي معادلة مشبوهة.