الديمقراطية تعني حكم الشعب من خلال مجالس تمثيلية منتخبة ومن خلال مؤسسات عامة تطبق القانون ومبادئ الحوكمة والشفافية بعيدا عن الخلافات الفردية وتشعب الاراء وتباينها فالاقلية تخضع لرأي الأكثرية وان حصلت بعض الخلافات والمناوشات والتعنتات الا ان النظام الديمقراطي يعتد به وينصاع اليه من يخضع لقوانينه.
الأحداث التي وقعت في الولايات المتحدة الأمريكية من هجوم مسلح على مبنى الكونغرس من قبل أنصار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وزبانيته وتوجيه شخصي منه لم يكن الا عملا غوغائيا مقيتا بالنسبة للمؤسسات الديمقراطية الأمريكية لانه كان يهدف إلى خلق حالة من الفوضى البراجماتيه والسيطرة على أعضاء مجلس الكونغرس واجبارهم على تغيير نتائج الانتخابات الأمريكية واعلان فوز ترامب بولاية ثانية واعتبار ان الانتخابات التي جرت كانت مزورة لصالح جو بايدن على الرغم من ان كل الدعاوى التي إقامها محامي ترامب باءت بالفشل وثبت ان الانتخابات كانت نزيهة وواقعية.
الشاهد ان الرئيس ترامب وعلى الرغم من وجود اعوانه في السلطة وهو من عينهم فيها وعلى الرغم من التمثيل الجمهوري في جميع مؤسسات الحكم الا ان ذلك لم يشفع له ولم تجد من أبناء جلدته من ايد هذا العمل ووقف إلى جانبه بل استنكروه ورفضوه ووقفوا مع القانون وحكم القانون وطالبوا باقصاء ترامب وتفعيل الماده 25 من الدستور الأمريكي الذي يجيز تنحية الرئيس في مثل هذه الحالات.
وتصرفت المؤسسات الأمريكية من الحرس والامن والمخابرات بكل حكمة ورشد واوقفت أعمال الشغب ونقلت أعضاء الكونغرس إلى مكان آمن لحين تهدئة الأوضاع واعادهم إلى مبنى الكونغرس بعد ساعات من تطهيره ليصادقوا على قرار اعتبار بايدن رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية رسميا تمهيدا لتنصيبه يوم العشرين من شهر كانون ثاني.
ان ما قامت به المؤسسات الامريكية يؤكد من جديد أن أمريكا بلد ديمقراطي بالمعنى الحقيقي وانه لا يخضع للنزوات الشخصية والقرارات الفردية وأساليب الضغط والعنف بدليل ان أقرب المقربين من ترامب في مؤسسات الدوله وقفوا ضده.
ولو ان ما حصل في أمريكا الديمقراطية حصل في بلاد أخرى غير ديمقراطية او تتشبث بالديمقراطية من ناحية اسمية لرأينا الأمن والجيش يقف مع الحاكم الحالي ويأتمر بأمره وان كان غوغائيا ومخالفا للقانون ولرأينا النفاق والتزلف يسيطر على الموقف وتلك هي الديمقراطية المزيفة.