سلام على الاباء والاجداد، وطوبى لمن قضى نحبه، وتحية لمن ينتظر ، وما بدلوا تبديلا . في مئوية الوطن ابدعت وزارة الثقافة في مسعاها الغرس في مشاعر المواطنين تلك القيم السامية والمثل النبيلة .

المئوية تلك المناسبة , التي ترفع من تقديرنا لذاتنا النفسية، وتعزز ثقتنا بتاريخنا وترسم قيمنا الاجتماعية المتعاضدة المتعاونة المتحابه والتي رسمت صورة الاردن بمفهوم النشامى باعتبارها صفة وسمة وفعل. حري بنا ان نقدم الشكر وندعوا لمن سبقونا ونؤسس لمن سيخلفنا في مسيرة هذا الوطن .

نقول لوزارة الثقافة والقائمين عليها شكرا لهذا الطرح ولهذا الاحياء لواحدة من اغلى المناسبات ، مناسبة يرفع فيه الاردني راسه ويشمخ بما انجز واعطى , وبما ورثه من ارث غال مشرف ، رغم تحديات الظلم والتاويل والمؤامرات والدسائس والافق الضيق والغيرة ..الخ.
مئة عام تستحق منا التصفيق لهؤلاء الذين ضحوا في سبيل الوطن, ليبقى الاردن انموذج الامة ، دول انهارت ، وأخرى تمزقت . دول بلا سياده وخضعت ، وأخرى بلا خيار ، دول تشردت ,واخرى ندمتبعدما كشفت ، دول هربت الى الصراع ، وأخرى تآمرت . وبقي الاردن صامدا واضحا نبيلا شريفا ، يتحمل ويصمت ، ويرفض كل الالنازلات رغم كل الضغوطات والاغراءات .

هنيئا لهذا الوطن ، وهنيئا لهذا الشعب الصابر المكافح , وهنيئا لكل من اضاء شمعة في تاريخ مسيرتنا التي بزغت خيوط فجرها وترعرعت ونمت وتطورت ، في ربوع الشهامة الاردنية وقيم ابنائها الصادقة الوفية التي زرعها من سبقونا في الارض والهواء ومنذ مئة عام .

نتقدم بخالص الشكر لوزارة الثقافة ولوزير الثقافة على هذه الجهود والتطلعات في احياء المئوية الاردنية وابراز هذه المناسبة باعتبارها عيدا وطنيا استطاع به الاردن والاردنيون ان يسطروا عبر المئة عام الماضية نموذج الدولة الحديثة ليس فقط بما انجزت من عناصر مدينة الدولة وقوننتها وبناء نظامها السياسي والاجتماعي والثقافي وتطوير الموروث منه بل كونها شقت لنفسها منهجا كان وما يزال يحافظ على كرامة الوطن والمواطن بتعليمه وتثقيفه وتربيته ويؤمن بامته وبرسالتها , ويدافع عن قضاياها , وينصهر في عروبته ودينه ويتفاعل مع العالم ويستجيب لمتطلبات المعاصرة والتفكير الانساني والتعاون القائم على مصلحة البشرية وخدمة الانسانية .

في البرنامج الذي حلًقت به وزارة الثقافة كان الطريق واضحا والهدف جليا والتطلع منيرا ، فترسيخ مفهوم الاعتزاز بما حقق الوطن وبما انجزه خلال قرن من الزمن اثبت للقاصي والداني ان الارن ثابت الخطو ، قوي البنيان ، متماسك الجدران ، لم تستطع المحاولات ولا الهزات ، ولا التحديات ان تغيره او تحرف مسيرته

القسم الذي اطلقه الملك المؤسس ويده مليئة بالخشوع القلبي والايمان بالله تربت على القرآن الكريم لتكون راية ونذر , نية وارادة ، مسؤولية وانصهار بوطن تنادى بنفسه آل هاشم ليقودوا الوطن وينتصروا بابناء الاردن لاشقائهم في سوريا و فلسطين و العراقحيث تعيش الاستعمار الانجليزي والفرنسي .

يتجدد اليوم التاريخ لنستذكر به 100 عام مضت ، حمل بها الاباء والاجداد راية الكفاح والصمود والتضحية، صادقين مع ذاتهم ، فتجاوزوا المحن واثبتوا لاعدائهم قبل خلانهم واشقائهم واصدقائهم انهم النشامى ، يصدقون القول ويؤمنون على الامانات ويوفون بالعهد , لا يخذلون , ولا يخدعون ، لسانهم حال ايحائهم , ومدركاتهم حال تفكيرهم , ، وعلى سيماههم حقيقتهم ونواياهم . نعم هكذا هم الاردنيون ، لا يطيب لمستغيث الا هنا, ولا يأمن المظلوم الا هنا ، ولا تطيب الحياة بعيدا عن الاوطان الا هنا , فانظرو كم هي الجنسيات واللغات واللهجات ؟ .

في هذه المئوية نستذكر كل معاني الفرح بتاريخنا ونتشبث به , ونحاول ان نتعلم من المحطات المؤلمة وهي كثر , لتكون فرص الانطلاق والقوة ، فهذه سمة لا يتقنها غير الاردن والاردنيون , ولا يعرف سرها الا الذين تعلموا وتعالوا بعلمهم ، وتقووا بجراحهم ومصائبهم ، وتجاوزوها لتكون الحافز والمحفز نحو المزيد من القوة والمتانة .

فكل عام وهذا الوطن بارضه وشعبه ونظامه بالف خير وسلام على الاباء والاجداد البناة وطوبى لمن رحل وتحية لمن صدق العهد