محفظة الضمان الاجتماعي أصبحت اليوم صندوقا سياديا , يملك قراره باستقلالية تامة , بل على العكس إن لم يكن القرار السياسي داعما فعلى الأقل عليه أن يكون محايدا , وقد شاهدنا في تجارب الآخرين كم يكون القرار الموجه ذا نتائج سلبية عندما يبتعد بالقرار الاقتصادي عن جدواه الفنية والاستثمارية .
صندوق الضمان يجب أن يبقى موجها للاستثمار على أساس الجدوى الاقتصادية فهو ليس صندوقا للمضاربة يهدف الى تحقيق ربح ولا هو قوات تدخل سريع لانقاذ إستثمارات خاسرة , كما قال رئيسه في مقابلة مع «الرأي» في وقت سابق ولا يجب أن يتم التعامل مع هذا الصندوق على هذا الأساس , فهو « صندوق إدخار للمستقبل « ينفذ عمليات استراتيجية تجعل منه صندوقا قياديا يقتفي رأس المال الوطني أثره .
الوحدة الاستثمارية في الضمان الاجتماعي مستثمر حصيف , وان كان سجل تراجعا في موجوداته بسبب تراجع تقييم محفظته في سوقي الأسهم والعقار أسوة بالشركات لكنه ليس مثلها , فإن كان مقبولا من الشركات أن تعمل على أساس أن رأس المال جبان , فليس مقبولا منه أن ينظر الى إستثماراته كأهداف آنية وليس مقبولا منه أن يهرب لمجرد هبوط السوق أو تراجع العقار لأنه رأس مال وطني مملوك لمنتسبيه وهم الشعب الأردني .
صندوق الضمان ليس شركة توزع أرباحا وان كان يعمل على أسس تجارية فالأصل أن ينمي استثماراته بما يحقق عوائد للمساهمين فيه وهم الشعب الأردني بأكمله وأجياله المتعاقبة والعوائد في حالة الصندوق نوعان : الأول استثمار في المستقبل , أما الثاني فهو استثمار في مشاريع استراتيجية وخدمات تعود بالنفع على المساهمين أينما كانوا .
منذ فترة قريبة دخل صندوق الضمان الاجتماعي في مشاريع كبرى في البنية التحتية والخدمات وتطلع الى المزيد , لقناعته بأن تحسين الخدمات ورفع سويتها انما يعود بالفائدة على المواطنين وهم الهيئة العامة لهذا صندوق الضمان الاجتماعي تحول اليوم من مساهم لاحق في بعض المشاريع الى مبادر يقود ويؤسس المشاريع وينفذها فالخدمة الجيدة تعادل تقاعداً مريحاً باعتبار أن جميع الخدمات التي توفرها مشاريع الصندوق هي ملك لمساهميه وهم كذلك المستفيدون منها .
الاستثمار الذي يمارسه الضمان هو استثمار دولة واقتصاد خصوصا عندما يتعلق الأمر بمشاريع الاسكان والطاقة والمياه , والتعليم والخدمات الطبية والنقل أو بتملك الأسهم الاستراتيجية في الشركات والبنوك .
المشاريع الوطنية رغم جدواها القليلة نسبيا لا يدخلها الضمان الا لأنها استراتيجية فهو إن لم يخض غمارها فلن يقترب منها أحد , فهو الذي يدير مدخرات الأردنيين وهو إن لم يحتفظ بها فلن يفعل أحد ذلك .
qadmaniisam@yahoo.com
الراي