النشر العلمي في المجلات الوهمية والتجارية .. التحدي الأكبر لمؤسسات التعليم العالي
د. عبدالرحمن التخاينة
09-01-2021 12:58 PM
يُعَرّف النشر العلمي بأنه الإلتزام بأسس ومعايير النشر في المجلات العالمية المحكمة في إطار الجهد المبذول من أجل توصيل النتاج الفكري والمعرفي من الباحث الى العالم بأسره، وهي واحدة من أهم الأسس المعتمدة في تصنيف الجامعات وإرتقائها الى جانب السمعة الأكاديمية والتفاعل مع المجتمع وغيرها.
وعند النشر العلمي لابد أن يراعي الباحث الأمانة ، النزاهة العلمية، الدقة المنهجية، الموضوعية وغيرها الكثير من مرتكزات المنظومة الأخلافية التي تحافظ على السمعة الأكاديمية للباحث وتؤثر بشكل كبير في مساره العلمي ومستقبله الأكاديمي وسيرته الذاتية.لذلك يحرص الباحثون بدءً من الخطوات الأولى في إعداد البحث وحتى الوصول الى النشر وهي الخطوة الأخيرة والأهم، الى إختيار المجلات المحكمة عالميا ذات السمعة الجيدة لما له دور في إثراء البحث العلمي والنهوض بالتنمية الإجتماعية بالإضافة الى أثرها على الباحث الأكاديمي.
ومؤخراً، يواجه البحث العلمي تحدياً في ظل تكنولوجيا الإتصالات المصاحبة للعولمة وظهور أشكال مختلفة للهندسة الإجتماعية واختراق الأمن السيبراني، معتمدة في نجاحها على العوامل الإنسانية التي تمثل أضعف رابط ضمن أمن الأفراد و المؤسسات.
وفي مجال النشر العلمي يتم خداع الباحثين والمؤسسات التعليمية –أحياناً- بمواقع لمجلات وهمية تحمل الإسم والرقم لمجلات حقيقية ذات سمعة جيدة ، لتوهم الباحث بأنه الموقع الأصلي للمجلة ، مما تدفع الباحث الى البدء بمراسلات النشر والتي تمر بتسلسل وإسلوب حقيقي لاتدع عنده مجالاً للشك، بالإضافة الى ظهور العديد من المجلات التجارية التي تتقاضى أموالا و رسوماً طائلة للنشر، مقدمة تسهيلات للباحث مثل عدم مراجعة المقال بشكل فعلي و السرعة في النشر دون مرور البحث بمرحلة التحكيم الحقيقي، مع غياب المسؤولية الأخلاقية لمحرري المجلات مما ينعكس سلباً على سمعة الباحث الأكاديمي والمؤسسة التي يتبع لها وجودة البحث العلمي بشكل عام.
وهنا يقع على عاتق المؤسسات التعليمية ضرورة اتخاذ أعلى درجات الأمن والحذر من خلال اعتماد أعلى درجات الدقة في التحكيم والمراجعة للمجلات التي يعتمدها الباحثون لديهم والتأكد من المجلات ومواقعها الإلكترونية (وهمية أم حقيقية) ، من خلال الإستعانة بالخبراء وأصحاب الكفاءة من المحكمين المتميزين في مجال البحث العلمي، وتفعيل التحذير عبر البريد الإلكتروني للباحث من أي ايميل غير مرغوب كما تعتمد بعض المؤسسات العلمية حالياً.
إن الحرص على مرور عملية النشر العلمي بصورة صحيحة أمراً في غاية الأهمية لإرتباطه بشكل وثيق بالتقدم والتنمية المستهدفة التي ننمو بها ونتطور، لذلك لابد من أخذ أقصى درجات الحيطة والعقوبات الرادعة على المستوى الخاص والعام في هذا المجال، حيث لا مجاملة عند مصلحة الوطن.