أحدات الكونغرس الأميركي والراسمالية الاجتماعية
المحامي فايز بصبوص الدوايمة
09-01-2021 12:13 AM
لست بحاجة هنا إلى الدخول إلى الفلسفة الراسمالية كنظام اقتصادي يعتمد اعتماد كليا على الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج، وأعني هنا القوى المحركة المتمحورة حول العامل والتي ترتكز في تحديثها الذاتي حول إعادة إنتاج مكونات الراسمال من أداوات وقوى منتجة ولن أدخل في غياهب الربحية وتراكمها والتي جعلت من بعض الراسماليين الدوليين يملكون فوق المعقول من الأموال والنقد، وأعني هنا تجاوز حدود المئة مليار دينار.
أود أن أتطرق إلى موضوع الغطاء الذي تتبعه قوى راس المال الذي تتبعه في تبريرها لفواحش راس المال والاستغلال الكلي لوسائل الإنتاج بما فيها القوى العاملة التي هي حقيقة المحركات الجباره لعمليات الإنتاج بغض النظر عن مكتسباتها الذاتية وبغض النظر عن الغلاف الحقيقي لتلك المؤسسات، والتي هي بالاطار النظري والعملي تعتبر الأقل اكتسابا من عملية الإنتاج بكليتها، أي أن ما يقدم للقوى المنتجة هو الحد الأدنى، وأقل من ذلك من عملية الإنتاج بكليتها ما يعني أن التغليف الحاصل في النظام الراسمالي للمكتسبات الإنسانية المتمحورة حول حقوق الإنسان والديمقراطية والكلية الانتخابية والمشاركة الشعبية العارمة في صناعة القرار قد اصطدمت بذلك النهج الشعبوي الذي انعكس وتجلى في ذلك الهجوم من قبل متصرفي الولايات المتحدة الأميركية على الكونغرس، وأن على كل دول العالم أن تنظر بشكل نظري وفلسفي في الممارسة والتطبيق إلى رؤى جلالة الملك التي ارتكزت ومنذ تسلمه السلطات الدستورية والذي تمحور حول شمولية محاربة ظاهرة التطرف وأن هذه الظاهرة لا تركز على التطرف الإسلامي وحده وإنما التطرف بكل عناوينه والتي تجلت في مراحله تحت عنوان التوجه يمينا والشعبوية والجمود العقائدي والنحنوية والانغلاق على الذات، كل ذلك كان جلالة الملك قد نوه له في كل خطاباته منذ "رسالة عمان" وصولا إلى هذا اليوم والذي عبر فيه جلالته عن رؤية استشرافية دقيقة بأن يافطة التطرف الإسلامي هي يافطة إعلامية بحته، وأن العصبوية ستشكل في مرحلة من مراحل التاريخ أزمة دولية تخص الوعي الجمعي الدولي والإنسانية جمعاء، لذلك لم يستهدف الأردن تلك الفوضى التي عمت الكونغرس الأميركي لأنها كشفت أن الرسمالية الاجتماعية وبكل شفافية هي عبارة عن شكل من أشكال التداول الاجتماعي والإعلامي ولا يمكنها أن ترتقي إلى وعي جمعي إنساني نستطيع من خلاله أن نبني مجتمعا دوليا يرقى إلى معايير الهاشمية الإنسانية المنبثقة من صميم ديننا الإسلامي، والتي صنعت على مدار التاريخ أبعاد إنسانية وأكثر تجلياتها كان واضحا كل الوضوح عندما طرح جلالته مفهوم أنسنة السلوك السياسي للدول حتى لا نصل إلى صدام يميني متطرف كما تجلى بشكل لا يمكن استيعابه حول مبنى الكابيتول هيل (الكونغرس الأميركي)، لذلك فإن من الحكمة مراجعة المنطلقات النظرية والفلسفية لفكر جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين ضمن إطار من الشمولية تجعل هذه المرتكزات الشمولية ناظمة لحركة التاريخ بكل تجلياتها، وأن نقرأ مضامين مفهوم الشمولية في حل كل القضايا الدولية دون الانزلاق إلى التحريض الإعلامي الذي يصنع من أي ثغرة من تلك الثغرات صناعة دين او طائفة، أو نوع إنساني، فالتطرف هو سمة شملت كل الكون وعلينا معالجتها من خلال وعي جمعي ارتكز تاريخيا في كل خطابات جلالة الملك وحذر منه في كل مناسبة وجعل العالم يتنبه إلى أن التطرف لا عنوان له ولا طائفة له ولا دين له، إنه وعي يصنعه بعض المستفيدين من وصوله الى مرحلة الاستنزاف الحقيقي لكل مفردات الامم والإنسانية جمعاء.
الرأي