محمود الفاضل ومحمد داودية
د. محمد عبدالكريم الزيود
08-01-2021 06:28 PM
أحسن صنعا التلفزيون الأردني أنه أعاد بثّ مسلسل "بير الطيّ" وهو من قصة الكاتب المبدع محمود الزيودي ومن إخراج بسام سعد عام ١٩٨٣، المسلسل يتحدث عن فترة الثمانينات وكأنه يعيد نفس قصة اليوم وهي معاناة الزراعة في الأردن، ووضع المزارعين الذين أنطحنوا ما بين القروض التي إستلفوها ولم يستطيعوا سدادها، وبين أسعار منتوجاتهم التي تباع بتراب المصاري ولا يحصلون ثمن صناديقها الفارغة، ولا يستطيعون وقف جشع وسطاء السوق المركزي والكمسيونات والضرائب.
ظهر في مسلسل "بير الطيّ" أستاذ المدرسة والمزارع "محمود الفاضل" الذي قام بدوره الفنّان والمخرج حسن أبوشعيرة، والذي كان يدرك هذا الوعي مبكرا، وأن حال المزارع بالويل، ومرهون لمكتب الوسيط "أبو لوفة"، الذي يرتهن محصول الخضار مقابل أسعار بخيسة وسداد ديون لكل موسم، وحاول "محمود الفاضل" الإنعتاق من سيطرة "أبولوفة"، وقاد ثورة وعي يومها في مجتمعه.
نجح محمود الزيودي بعرض حال مشكلة الزراعة، ومسلسله "بير الطيّ" هو إمتداد لسلسلة الأرض والإنسان الذي إرتبطت أعماله بها، لذا كانت صيحة مبكّرة لم تصل آذان الحكومات، والتي دمرت المزارع والزراعة، وجعلت صغار المزارعين في الغور يتركون مهنتهم مقابل وظيفة حكومية تدر دخلا ثابتا عليهم، وحلّت العمالة الوافدة بدلا منهم.
قبل أيام سمعتُ وزير الزراعة محمد داودية يخرج على التلفزيون الأردني ويقول أن وزارته فشلت في إنقاذ الزراعة، وهو تصريح جريء ومحبط، وصادم أيضا، وأن الأسعار تتهاوى في ضوء إغلاق الأسواق الخارجية، وما زالت سيطرة الوسطاء على السوق المركزي ليست في صالح المزارعين.
ما بين عناء محمود الفاضل في بير الطيّ، وبين نداء محمد داودية، تتهاوى الزراعة في بلدنا والمسافة بينهما أكثر من ٣٧ عاما، والحال من بعضه.