العقل البشري هو أساس التنمية بمختلف جوانبها وهو المغذي للافكار وتطويرها وهو مصدر الرقي والازدهار وليست الخامات والدفائن والكنوز والأراضي والمساحات فأينما وجد الاهتمام بالعقل البشري واحترامه ورعايته وجدت الافكار الإبداعية ووجد التفوق وتحققت التنمية الاقتصادية والتقنية وتحقق الربح وضعفت الخساره.
ماذا تملك شركات التكنولوجيا العملاقة من الموارد مثل آبل وجوجل وسامسونج وغيرها وهي تحقق مليارات الدولارات من الأرباح وتملك ميزانيات تفوق ميزانيات دول غنية بالموارد الطبيعية وماذا تملك دول مثل اليابان وسويسرا وسنغافوره ليس لديها الا القليل من الموارد الطبيعية وهي من أغنى دول العالم. ولكنهم يملكون العقول ويصنعون الفكرة ويتصدرون الإبداع والابتكار. ودول أخرى تعوم على بحار من الموارد الطبيعية مثل دول أفريقيا وتعاني من الفقر والتخلف والجوع.
ولذا تتسابق الدول المتقدمة للاستثمار في العقول والأفكار اكثر من اهتمامها في الاستثمار في الأصول فالتربية الأخلاقية والتقدير والاحترام لاصحاب المواهب والعقول والابتكار تجد لها محلا ومكانة بارزة ويتم استقطابها وتهيئة الأجواء لها وتوفير الدعم المادي والمعنوي والأدوات اللازمة للبحث والمخابر وغيرها من الدعم اللوجستي لتبرز مواهبها وقدرتها في الصناعة والتقنية وتتولى هي زمام الأمور لادارة المواقع البحثية والتصنيعية ورئاسة هيئات التصنيع النووي والكهربائي وغيرها.
وفي الدول المتخلفة ليس هناك اهتمام بالعنصر البشري واستقطاب أصحاب العقول والمواهب والشهادات المتفوقة بل تجدهم محيدين ومبعدين عن المواقع القيادية والانتاجية الفعليه التي تعطى لاصحاب الولاءات او يفرز لها اصحاب الجاه والقبلية والشللية والجهوية والمصلحية بغض النظر عن امكاناتهم وقدراتهم.
وقد أدى ذلك إلى خلق الاحباط لدى المستحقين ودفعهم إلى هجران بلادهم إلى الدول المتقدمة التي تحفل بهم وتستقبلهم وتؤمن لهم المناخ اللازم لممارسة ابداعهم فيذهب خيرهم إلى غيرهم.
ان الدول المتخلفة اذا أرادت تطوير نفسها والسير نحو التقدم والبناء فلا بد لها أن تستثمر في عقول أبنائها المتميزين بموضوعية جادة والا بقيت تسير في ركب التخلف والانحطاط.