تجربتنا في التعلم عن بعد وتجاذباتها
فيصل تايه
06-01-2021 11:09 AM
منذ أن اكتسح فيروس كورونا العالم والإعلان عنه رسميا كوباء عالمي ، شهدت العملية التعليمية تجربة كبيرة وتحديات جمه ، فقد وجد العاملون في قطاع التعليم في دول العالم المختلفة أنفسهم أمام تحد كبير وامر واقع مفروض ، ونحن في الاردن لا شك اننا جزء من هذه المنظومة الكونية تاثرنا كما تاثرت باقي دول العالم بما اصابها من معضلات اصابت بمنظومتها الصحية والتعليمية والاجتماعية في العمق ، فقد مررنا بتجربة التعلم عن بعد وعلى مدار العشرة شهور الماضية ، واجهنا من خلالها العديد من التحديات ، سواء كانت تقنية أو تحديات متعلقة بالبنية التحتية وجاهزية المادة التعليمية الالكترونية او الكوادر التي تعمل في المؤسسات التعليمية المختلفة وغيرها .
اننا في الاردن نعتبر في مقدمة الدول في المنطقة التي طبقت التجربة ، وكما نعلم فان الظروف الذي فرضت جراء تفشي انتشار فيروس كورونا ، وبعد هذا المشوار الذي سلكناه مضطرين ، ما زالت تجربتنا هذه في طور النضوج ، فقد استفدنا من التغذية الراجعة المتعلقة بطبيعة العمل ومدى نجاحنا في الوصول الى أهدافها المنشودة ، رغم المعيقات والملاحظات التي ستكون بإذن الله فرصا للنجاح في المستقبل ، وسنتداركها بكل همة ومسؤولية ، لذلك فقد كان من اولوياتها ضرورة وجود تشريعات وضوابط من شأنها أن تعزز التجربة ، وفي ذلك فانه يجب الاستفادة من آراء الفاعلين التربويين وخاصة المشرفين التربويين والمعلمين في الميدان الذين خاضوا التجربة ، خاصة في الجانب المتعلق بطرق التقييم والمرونة وممن كان لهم دور فاعل في العمل ، لذلك فاننا لاحظنا بروز العديد من الدعوات ومن خلال رصد عمليه التعليم عن بعد ضرورة ايجاد تلك التشريعات والقوانين التي تعزز عملية التعلم عن بعد ، كالتزام الطلاب والمعلم بالوقت وغيرها من القضايا الفنية، بالتالي فإن هذه الضوابط والتشريعات يجب تحديثها لتتماشى مع العملية التعليمية في هذا الظرف.
هذا وبالرغم من ان تجربة التعلم عن بعد كانت مفاجئة بالنسبة لنا وهي حل لمشكلة تسببت بها هذه الجائحة اللعينة ، والتي فرضت بعداً مكانياً بين الطالب والمعلم ، فليس هناك فرصة أن يجتمع الاثنين في مكان واحد وبالتالي فقد ادى ذلك لظهور نوعين من التعليم ، وهو التعليم المتزامن وغير متزامن ، أي أن الأول تكون العملية التعليمية بحضور المعلم والطالب في نفس الوقت (أونلاين) والثاني هو لا يشترط المزامنة وإنما يدخل الطالب على المواد الدراسية وقتما يشاء ، وهذه التجربة لا تعني بأننا كنا نفتقد للتعليم إلكتروني في مدارسنا في زمن ما قبل كورونا ، بل بالعكس فقد شهدنا العديد من المشاريع التعليميه الالكترونية التي تم تطبيقها في العديد من مدارسنا الحكومية بالشراكة مع القطاع الخاص والجهات الاقليمية والدولية التي كان لها تأثير واضح على تطور كفاءاتنا المهنية وكنا في طور تعميم ذلك ضمن خطة ممنهجة تفي بالغرض .
نعم .. اننا ورغم ما فرضته هذه الجائحة نأمل أن يُنظر إلى هذا الوباء على أنه فرصة لإعادة تصور نماذجنا التعليمية الحالية ، فتجربتنا الحالية تعتبر تجربة ناجحة نسبيا اذا ما قورنت بتجارب الدول الاخرى التي كانت تسبقنا في هذا النوع من التعليم ، واستطاعت أن تسد الكثير من الثغرات في الوقت الذي توقف فيه العملية التعليمية في العديد من دول العالم ، بالرغم من التخوفات التي واجهت هذه التجربة .
ان عمليه التعلم عن بعد بشكلها العام تحتاج الى المزيد من الوقت والجهد ولكنها ايضا تحتاج إلى تكنيك وتقنية وأن يفهم القائمون على هذا النوع من التعليم آلية عملهم ، فالتجربة التي خضناها مكنتنا من معالجة الكثير من المعيقات خاصة التدريبية منها تدريبهم منها ، كما وأن الضرورة تطلبت اعتماد التعلم عن بعد كإحدى الوسائل الرئيسية في المدارس ، وتمكين المعلمين مزيد من الكفايات ، ليصبح التعلم عن بعد قويا وناجحا بتهيئتهم والكوادر الوطنية لتصبح قادرة على إنجاح التجربة ، وتعزيز الخبرة في هذا المجال، وضرورة توفير التقنيات وتطويرها وتحديثها ، كما وهناك عوامل أخرى إيجابية اكثر أهمية متعلقة بالجانب الارشادي والنفسي وهي تهيئة الطالب نفسياً في فترة التعلم عن بعد ، ما يحتاج دعما مباشرا من الأسرة خلال العملية التعليمية وهذا يعطيه معنويات أكبر مما يدفعه ان يحرز تقدم في التعلم بشكل يمكنها من فهم المادة الدراسية على نحو كبير .
واخيرا .. فان التحديات المباشرة تبقى هي التي تواجه الجميع خاصة الطلبه أثناء الدراسة في طريقهم نحو التعلم عن بعد والتي تنحصر بشكل أساسي في كونها تحديات تقنية ، وخاصة ما هو متعلق بالتعامل مع خدمة الإنترنت ، ونوع الأجهزة المستخدمة وأحياناً يكون الضغط على الشبكة كبيراً نظراً لأن كل الطلاب يدخلون على الموقع في نفس الوقت ، لكننا وبحمد الله بدأنا نتغلب عليها شيئاً فشيئا وتدراكناها من خلال منصة درسك٢ ، وما هو آت اعظم من خلال منصة درسك٣ ، التي ستكون على بمستوى احترافي عال سيسهم في ايجاد الحلول العمليه التي تمكنا من الولوج الى عصر التعليم الرقمي التفاعلي وبكل همة ومسؤولية .
بقي ان اقول أن التجربة تقدم حلولاً لمستقبل واعد أكثر من انها تحدياً.
والله ولي التوفيق