مئوية الدولة الأردنية والدور القومي
المحامي محمد مروان التل
04-01-2021 05:35 PM
تجذرت الرؤية العروبية لدى الدولة الاردنية منذ نشأتها ، و تَقاطع الموقع الجغرافي مع الواقع الفكري لسكانه ، فالاردن يَقَع في مركز المشرق العربي، ومُجتَمعه يضم مواطنين من بلاد و أجناس متعددة ، مما جعله حساسا تجاه قضايا الدول العربية و الاسلامية ، إلا ان هذه الحساسية لم تشكل عائقاً أمام الدولة الأردنية ، للتوافق على الثوابت الوطنية و القومية و الدينية بين الرؤى الشعبية و الرؤى الهاشمية المكسوة بإرث الإمتداد النبوي .
جسدت المُمارسات الفكرية و العملية للدولة الاردنية عروبتها عنوانا و مضمونا ، و حملت دلالات لا تحتمل التشكيك ، و من هذه الدلالات على سبيل الحصر لا المثال إحتضان الدولة الاردنية الناشئة لقيادات عربية مدنية و عسكرية ، و إسناد المسؤوليات لهم و المُخاطرة بأضعاف الهوية الوطنية الاردنية الخاصة على حساب الهوية العربية ، و من الجدير بالذكر في هذا المقام ان رؤساء الحكومات الاردنية منذ نشأة الدولة و حتى عام ١٩٥٥ لم يكون بينهم أردنيون و كانوا من مختلف الأقطار العربية ، و أن اول قائد للجيش العربي بعد قرار التعريب هو من فلسطين ، و الذي شَرُف بقيادة الجيش الوحيد الذي حضي بتسميةٍ ذات طابع قومي " الجيش العربي" و أن مجلس التشريع و الرقابة حمل إسم مجلس الأُمة .
وبالرغم من ان الرؤى القومية للدولة الاردنية قننت بالمادة الاولى من دستورها و التي نصت على انها دولة عربية مستقلة و شعبها جزء من امته العربية ، الا انها لم تقتصر على الشكليات و الشعارات بل تجاوزتها للواقع العملي تجسيدا ، فالمتفحص للواقع الديمغرافي للدولة الاردنية لا يجد صعوبة بملاحظة التنوع الطيفي لسكانه ، و قد قال عن هذا التنوع و الإحتضان الشاعر مصطفى وهبي التل مُعجَبا : " بارك الله فيك أُردُن داراً ... ليس فيك الغريب عن أوطانه ".
ونحن نستذكر مئوية الدولة ينتابنا شعور جارف بالفخر و الإعتزاز للتضحيات الجسام التي قدمتها الدولة الاردنية في سبيل الأمة العربية ، وخوضها لحروب كبرى دفاعا عن قضاياها ، و استقبالها لموجات الهجرة و اللجوء من العديد من البلدان العربية ، و وقوفها شامخة في قلعة النضال العربي للدفاع عن القدس و مواصلة دور الرعاية لها.