كورونا .. تقدم الصين وتراجع امريكا
د. عثمان الطاهات
04-01-2021 01:19 PM
يتبنى اصحاب هذه التوجه نظرة تقول بان التغيير الواقع لا محالة وبالمقدار نفسه من الثقة يرون ان هذه التغيير سيقود الى تبوء الصين قيادة النظام الدولي المقبل ويستند الكثير من هؤلاء الى ما تشهده الولايات المتحدة الامريكية من تراجع في مختلف المجالات، وكذلك الحال بالنسبة الى الاتحاد الاوروبي الذي كثر الحديث عن تفككه وهيمنة النموذج البريطاني على المرحلة المقبلة من حياة الدول الاوروبية وخصوصا تلك التي ضربتها جائحة كورونا بقوة " ايطاليا واسبانيا والبرتغال الى حد ما " من دون ان تحصل على المساندة المطلوبة من باقي دول الاتحاد الغنية والاقل تضررا.
كثيرون كانوا قد حذروا من التراجع الذي تشهده الولايات المتحدة الذي ظهر بصورة فادحة عند محاولة التصدي لجائحة كورونا لقد اضاعت الادارة الامريكية وقتا ثمينا في تهيئة البلاد للتعامل مع جائحة كانت كل التقارير والوقائع ايضا تؤكد انها قادمة لا محالة وربما كانت بالفعل قد بدأت بالتفشي لكن ثمة عطب كان قد اصاب المنظومة على اكثر من صيعد في عام 2019 .
نشر الجنرال المتقاعد روبرت سبالدينغ من سلاح الجو الامريكي كتابا بعنوان " الحرب الخفية " اكد فيه ان الحرب بين الامم في القرن الحالي تختلف كثيرا عن حروب القرنين الماضيين عوضا عن الرصاص والقنابل تستخدم فيها الدولارات والسنتات والاقتصاد والقطاع المالي وقواعد البيانات والمعلومات والصناعة والبنى التحتية والاتصالات من يسيطر على هذه الجبهات اليوم يربح الحرب دون طلقة واحدة.
قد يقال الكثير عن اخطاء دارة ترامب في التعامل مع الوباء وعن الصراعات الداخلية التي تغلبت على الوحدة المطلوبة في المواجهة وكذلك عن الانخفاض المريع في اسعار النفط الذي تسبب في اضرار قاصمة لصناعة النفط الصخري الامريكي وانعكس على الاداء الاقتصادي الامريكي.
بعد شهرين من بداية تفشي جائحة كورونا في الولايات المتحدة نفذت الكمامات والمعدات الوقائية الضرورية للاطقم الطبية والذين لجأ بعضهم الى ارتداء اكياس القمامة بدلا من الثياب المتخصصة لتجنب العدوى اضافة الى نفاذ اجهزة التنفس الاصطاعي في عموم البلاد ، حيث تعد الولايات المتحدة الامريكية من اكثر الدول المتضررة من الجائحة سواء على الصعيد الصحي او على الصعيد الاقتصادي.
بالمقابل تمكنت الصين من السيطرة على الوباء وتحولت الى دولة تقدم المساعدات المتمثلة بالكمامات والمعدات الطبية المختلفة والاطقم المدربة والقادرة على التعامل مع الوباء الى معظم دول العالم بما فيها الولايات المتحدة لمواجهة الجائحة ما مكن الصين من اعادة نشاطها الاقتصادي بسرعة.
يؤكد احد مراكز الابحاث المتخصصة في الشؤون الاقتصاد والأعمال في تقرير سنوي له أن الصين ستتجاوز الولايات المتحدة لتصبح أكبر اقتصاد في العالم عام 2028، وذلك قبل 5 سنوات مما كان متوقعا، بسبب تباين تعافي البلدين من جائحة فيروس كورونا المستجد.
يقول المركز "لبعض الوقت، كان صراع الاقتصاد والقوة الناعمة بين الولايات المتحدة والصين من الموضوعات الرئيسية التي تهيمن على الاقتصاد العالمي".
يضيف "جائحة كوفيد-19 وتداعياتها الاقتصادية تجعل هذا التنافس يميل بالتأكيد لصالح الصين".
يؤكد المركز إن "مهارة الصين في إدارة (ملف) الجائحة" وما فرضته من إجراءات عزل عام صارمة في بدايات الأزمة وتأثر النمو على الأمد الطويل في الدول الغربية، يعني أن أداء الصين الاقتصادي قد تحسن.
وتتوقع الصين، نموا اقتصاديا متوسطه 5.7 بالمائة سنويا بين 2021 و2025، قبل أن يتباطأ إلى 4.5 بالمائة سنويا من 2026 إلى 2030.
وفي حين، أن من المتوقع أن تسجل الولايات المتحدة نموا قويا في أعقاب الجائحة عام 2021، فإن نموها سيتباطأ إلى 1.9 بالمائة سنويا بين 2022 و2024 ثم إلى 1.6بالمائة بعد ذلك.
توقع المركز، أن تظل اليابان ثالث أكبر اقتصاد في العالم حتى بدايات العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين، قبل أن تتخطاها الهند، الأمر الذي يهوي بألمانيا من المركز الرابع إلى الخامس، وستتراجع بريطانيا، بحسب المركز، إلى المركز السادس اعتبارا من 2024.