أود أولاً أن أصحح خطأً شائعاً يكرره الجميع عندما يقولون إن الاسعار تتقرر بناء على العرض والطلب . القول بذلك يعني الاقرار والاعتراف بان السوق حر بصورة تامه وهذا مخالف للواقع العملي للاسواق التي لا يمكن ان تكون حرة الاّ في صفحات كتب الدراسه . في الحياة العملية تتقرر الاسعار بتفاعل مختلف عوامل السوق ومن ضمنها العرض والطلب . وكلما اخذ العرض والطلب دوراً اكبر بين هذه العوامل في تشكل الاسعار يكون السوق أقرب الى الحريه .
ثمة عاملان مهمان يلعبان دوراً بارزاً في تشكيل الاسعار هما تركيب السوق Market Structure ، وسلوك السوق Market Conduct . تركيب السوق يعبر اساساً عن عدد البائعين ( الكومسيونجيه) وعدد المشترين ( تجار الجمله ووكلاء الشراء وتجار التجزئه) . ويعبر سلوك السوق عن الكيفيه التي يسلكها البائعون والمشترون في اداراتهم لعمليات البيع والشراء . وهذان العاملان هما من يوجهان سير نظام البيع والشراء سواء أكان بالمزاد أو بالتفاوض أو بالاسترشاد ومنهما يكتسب النظام درجة نزاهته وحريته.
علمياً تعتبر تقلبات الاسعار صفة ملازمة للمنتجات الزراعيه الموسميه وأهمها الخضار . ومن الاسباب الهامه لذلك عاملا العرض والطلب . ويعتبر عامل العرض أوسع اثراً في هذه التقلبات فهو الاكثر تذبذباً بالنظر لأن الخضار منتجات حيه يتأثر انتاجها بعوامل الطقس المتعدده بالاضافه إلى الامراض النباتيه والآفات ، كما انه لا يمكن التحكم بنموها ومواعيد حصادها وتوقع كميات انتاجها أو نوعية المنتجات خاصه وانها منتجات سريعة التلف . وتكون محصلة ذلك كله انخفاض مرونة العرض . وعندما يزيد العرض عما هو معتاد أو متوقع يساهم ذلك في خفض الاسعار ، بينما يساهم انخفاض العرض في رفع الاسعار .
زيادة العرض من الخضار في الاردن تنشأ عن ارتفاع الحراره على غير ما هو معتاد ومتوقع ، أو تداخل المواسم لمدة اطول مما هو معتاد أو متوقع ، أو دخول انتاج جديد على خط الانتاج القائم تقليدياً ، أو زيادة المساحات المزروعه بناء على نتائج جيده لموسم سابق أو اكثر .
انخفاض الطلب على خضار موسميه اقل حدوثاً من زيادة العرض . وقد يترافقا معاً (انخفاض الطلب وزيادة العرض ) ويصبح تأثيرهما اشد اثراً على انخفاض الاسعار . ولكن ترافقهما في موسم واحد بشكل مفاجىء ودون مقدمات هو احتمال ضعيف لان الطلب لا ينخفض غالباً بسرعة في حال الخضار سواء أكان طلباً محلياً أو طلباً لاسواق التصدير .
ما حصل من انخفاض في اسعار الخيار في الايام الاخيره ناتج عن زيادة في العرض بعضها بسبب ارتفاع درجات الحراره وبعضها الآخر بقرار من المزارعين رغم معرفتهم المسبقه بتراجع الطلب في اسواق التصدير على مدى اربع سنوات .