بينما تسابق حكومات العالم الزمن لتوزيع اللقاحات المضادة لفيروس كورونا، ماتزال هناك أصوات مجهولة على وسائل التواصل الاجتماعي، تحاول زرع الشكوك بجدوى اللقاح، وتنشر المزاعم عن أخطاره على حياة الناس، دون أساس علمي موثق.
هنا في الأردن وكما في دول كثيرة حول العالم، كان لهذه الدعوات المشبوهة صدى في أوساط المواطنين، وهو الأمر الذي دفع بوزير الصحة الدكتور نذير عبيدات إلى التغريد عبر”تويتر” لتأكيد أن لقاحات كورونا آمنة وفعالة.
الاتجاه العام في العالم يقبل بشكل ملحوظ على تلقي اللقاحات، لكن في مثل جائحة كورونا يتعين كسب الاجماع الكامل لضمان حصول المواطنين كافة على اللقاح، حتى لا تتوفر بيئة حاضنة للفيروس سريع الانتشار في أوساط اجتماعية، فتعطل على الأغلبية حقها في التمتع بحياة طبيعية.
لقد أنفقت الدول الكبرى غربا وشرقا مليارات الدولارات، للوصول إلى لقاح ضد فيروس كورونا بأسرع وقت، وقد مكنت التكنولوجيا المتطورة، وقدرات العلماء والباحثين من تحقيق نتائج عظيمة في وقت قياسي. وجميع اللقاحات المطروحة حاليا خضعت لتجارب سريرية وبحثية واسعة، وتم إجازاتها من أعرق مؤسسات مختصة في مراقبة الدواء حول العالم.
الملايين في الولايات المتحدة الأميركية ودول أوروبية وروسيا والصين تلقوا اللقاحات المطورة، وقد أظهرت النتائج البحثية تمتع من حصلوا عليها على مناعة عالية ضد الاصابة بعدوى كوفيد 19 . ولم تسجل سوى حالات قليلة جدا لأعراض جانبية جراء اللقاح، لاتختلف أبدا في نسبتها وطبيعتها عن تلك التي تظهر على أي واحد منا عندما تناول أدوية متداولة منذ عقود في الأسواق.
الأردن كان دائما في مقدمة الدول التي اهتمت بتوفير اللقاحات لمواطنيها لمواجهة الأوبئة والأمراض السارية. منذ خمسينيات القرن الماضي كانت الدولة تتولى تنظيم حملات التطعيم في القرى البعيدة والمدارس، ومن عاش عقود الستينيات والسبعينيات من القرن المنصرم، كان لابد قد مر بتجربة تلقي اللقاحات في مدرسته أو المركز الصحي ببلدته.
كان وعي الناس في ذلك الوقت أعلى من وعي بعضهم في زمننا هذا، فقد أقبل الأردنيون على تلقي اللقاحات دون تردد أو تشكك. واسهم ذلك في خلو الأردن من عديد الأمراض السارية التي ماتزال تشكل تحديا لدول كثيرة كالجدري والسل وشلل الأطفال.
خبرة الأردنيين ووعيهم بأهمية المطاعيم سيكون لها دور في التجاوب مع خطط الحكومة لتوزيع مطعوم كورونا ووصوله للجميع، ومن المؤكد أن الإشاعات ستفقد بريقها مع بدء حملات التطعيم. لكن إلى ذلك الحين ينبغي مواصلة حملات التوعية بأهمية المطاعيم، وتقديم الأدلة العلمية الراسخة على نجاعتها بالاستناد إلى خبرتنا المتراكمة، وخبرة الدول التي شرعت في تطعيم مواطنيها.
لقد انتظرنا طويلا مختبرات العالم المتقدم لتطوير لقاحات لفيروس كورونا لينتهي معها كابوس ثقيل عطل حياتنا، ولايعقل بعد ذلك أن نتمنع على هذه النعمة، تحت تأثير إشاعات غبية.
(الغد)