كل التقارير الدولية تتحدث عن تصعيد إيراني أميركي قد يؤدي إلى حرب كبرى في كل المنطقة، وهذا العالم يحبس أنفاسه كل يوم، منتظرا يوم مغادرة الرئيس الأميركي.
يحبس أنفاسه لأنه على قناعة أن الرئيس الأميركي المنتهية ولايته، مغامر، ويريد خلط الأوراق، بعد هزيمته في الانتخابات، مثلما يريد إفشال أي جهود دولية وأميركية وإيرانية للوصول إلى اتفاق نووي جديد بعد مغادرته، فوق التغطية على فشله في الانتخابات.
الرئيس الأميركي المنتهية ولايته، لا يمتلك قرار الحرب، وحيدا، إذ هناك مؤسسات في الولايات المتحدة، تتشارك في القرار، وهناك تقييدات قانونية، وقد تقف في وجه قرارات الرئيس ذاته، فهو ليس حاكما شرق أوسطيا، يقرر ما يريد، لكنه في الوقت ذاته، يشعر بكون خروجه قد بدد مشروعه ضد إيران، مع الاحتمالات حول مصالحة إيرانية أميركية في وقت لاحق، فيما ستنقلب كل القصة، إذا جاءت الضربة الأميركية ردا على تصرف إيراني.
هناك آراء لخبراء تقول إن كل تهديدات الولايات المتحدة، لإيران هذه الفترة، ونقل معدات أميركية إلى المنطقة، يراد منه فقط، منع إيران من الانتقام من الولايات المتحدة، على خلفية مقتل الجنرال قاسم سليماني والعالم النووي محسن زادة، خصوصا، أن السفارة الأميركية في بغداد تم قصفها، مؤخرا، واتهمت واشنطن طهران بكونها وراء ضربة الصاروخ.
هذا يعني أن واشنطن متوترة تحوطا من هجوم إيراني مباغت في الأيام الأخيرة لفترة الرئيس الحالي، لكن المنطق يقول هنا، إنه ليس من مصلحة إيران التورط بضربة عسكرية، بأي درجة كانت ضد المصالح الأميركية، كون إيران تريد الوصول إلى تسوية مع الإدارة الجديدة، ولا تريد إضاعة هذه الفرصة، بل إن زيادة التخصيب في إيران، والذي أعلنت إيران رسميا عنه، يراد منه تقوية أوراق إيران في التفاوض مع الإدارة الجديدة، وليس الحرب.
لكن علينا أن نتذكر هنا العنصر الإسرائيلي، فالتوتر الإسرائيلي من إيران، خلال الأسابيع القليلة الماضية كان في أعلى درجاته، وعمليات التجسس الإسرائيلية على لبنان، سورية، العراق، واليمن، إضافة إلى إيران بلغت حدا مرتفعا جدا، تخوفا أيضا من عمليات إيرانية في هذا التوقيت، فوق أن إسرائيل قد تريد توجيه ضربة أميركية لإيران في الأيام الأخيرة للرئيس الحالي، لكنها أيضا، لا تعرف حدود الرد الإيراني، وإلى أين سيصل، وهذا يقول إن إسرائيل ذاتها، قد لا تكون في مناخ مناسب لتحمل كلفة ضربة عسكرية تشعل المنطقة.
علينا أن نقر هنا، أن العمليات العسكرية الأميركية والإسرائيلية متواصلة أساسا في إيران، وسورية، ومناطق ثانية، وإلا من هو الطرف الذي يقوم بكل عمليات القصف، وتدمير المنشآت، وتنفيذ العمليات السرية في هذه الدول وغيرها، وكان آخرها اغتيال محسن زادة العالم النووي الإيراني، فالحرب قائمة، بشكل ناعم، ومتدرج، دون أن تؤدي إلى حرب كبرى مفتوحة، تأخذ المنطقة بأسرها إلى سيناريو مرعب، قد لا يريده أي طرف.
المخاوف هنا، تنبع من سيناريو قد يبدو خياليا، لكنه ليس مستحيلا، أي تسبب إسرائيل بعملية ما ضد المصالح الأميركية في العراق، أو مواقع ثانية، وبحيث يتم اتهام إيران، واستدراج الإدارة الحالية المنتهية ولايتها، إلى رد فعل، وإذا حدث هذا السيناريو فسوف تخرج إيران، وتتنصل من الحادث، فيما يتوارى الفاعل الأصلي وراء المشهد، تاركا المنطقة للحريق، في ظرف حساس، دوليا، وإقليميا، وفي هذه المنطقة أيضا.
ربما هي أيام حساسة، قد نصحو في أي لحظة على عملية ضد مصالح أميركية، أو إسرائيلية، وقد نصحو على عملية ضد إيران، وستقف كل المنطقة على الحافة، ولن تعرف مصيرها، إذا اندلعت شرارة الحرب، لكن المراهنة على الخروج من هذا التوقيت تبقى قائمة، بكل ما تعنيه الكلمة، لأن الحرب مكلفة جدا على الكل، ولن تستثني أحدا، وقد تبدأ ولا تنتهي.
منذ أن ولد العالم العربي، وهو يغفو فوق بركان، وإذا سلمنا اليوم، لن نسلم غدا.
(الغد)