أحسنت الحكومة في التخفيف من حزمة الإجراءات المقيِدة لإيقاع الحياة اليومي في ظل جائحة كورونا، التي فرضت سطوتها ليس محليا وحسب بل على العالم بأسره، بتقليص ساعات الحظر الجزئي اليومي باستثناء الإبقاء على الحظر الشامل ليوم الجمعة، الذي من شأنه أن يقلل من فرص الاختلاط ويحد من إمكانية انتشار الوباء.
يلوح الان في الأفق تحد جديد يضاف إلى سلسلة التحديات في هذا الظرف الاستثنائي المتمثل بالفايروس المتحور سريع الانتشار في حالات خمس أردنيا، لتعود بنا الذاكرة إلى الوراء قليلا عند بدء الجائحة العام الماضي، مما يستدعي المزيد من الحذر في أي قرار قد يصدر عن السلطة التنفيذية التي يؤرقها هذا التطور كما المواطنين الذين أثبتوا مقدرة ووعيا في التعاطي بمرونة مع متطلبات الحد من انتشار الوباء.
ما من شك أن هناك ضغوطا كبيرة تمارس على الحكومة من قطاعات تضررت بفعل الإغلاق الذي لا يختلف عليه إثنان، وبات من الضروري بعد مضي هذه الفترة أن تقيّم الحكومة الوضع الوبائي بدقة، حتى تكون قراراتها منسجمة مع الواقع وأن لا تغامر أو تجامل على حساب الوطن وصحة أبنائه، ولا ترضخ لأي جهة بكونها هي أي "الحكومة" من تتحمل تبعات أي قرار خاطئ من شأنه تفشي الفايروس المتحور.
لا نريد أن تقع الحكومة في خطأ سابقتها وتتراخى في قراراتها حين تسببت في إحداث "فوضى وبائية" ما زلنا نعاني منها حتى اليوم بعد أن وصلت أعداد المصابين إلى نحو 300 ألف وآلاف الوفيات.
فرض القيود على حرية تنقل الأفراد قرار ليس شعبي، لكن لا مفر منه في ظل ظرف استثنائي أملته تداعيات جائحة ألقت بظلالها على اقتصاديات المنطقة والعالم أجمع، ومواجهتها يتطلب مزيدا من أخذ الحيطة والحذر، من خلال منع التجمعات الكبيرة التي لا يراعى فيها شروط التباعد وغيرها من الإجراءات الوقائية المرافقة.
ولعل الإجراءات التخفيفية التي أعلنت عنها الحكومة تسهم في الحد من حرية التنقل وتعطي هامشا أوسع لبعض القطاعات الاقتصادية التي تضررت من سياسات الإغلاق المبكر لبعض المنشآت، مع التأكيد على أن مراجعة القرارات المتعلقة بهذا الشأن ستخضع إلى التقييم والمراجعة كل أسبوعين وفقا لحالة الوضع الوبائي، وهذا بحد ذاته مدعاة لأن يفرض على الحكومة مسؤولية أكبر في تعاطيها مع الظرف الاستثنائي الراهن، إذ ليس من الحكمة التطلع إلى إصدار قرارات شعبوية في وقت أحوج ما نكون فيه إلى معادلة تفضي إلى نتائج صحية ملموسة.