بين شراء الخدمات وعقم الإدارات
د.حسام المرازيق
01-01-2021 03:45 PM
شاءت الأقدار أن تتبوأ وزارة الصحة المشهد في عام الإِعصار الكوروني الذي عصف وما زال يعصف ببلدنا الجميل.
و ترتبت الأَحداث بكل سيناريوهاتها الصحيحة و الخاطئة لكي تكشف لنا أهمية القطاع الصحي وضرورة قراءة أوراقِ أمننا الصحي بروية واقتدار.
مفهوم الأمن الصحي الذي تجاوز الأولويات لن يكون إلا برسم خارطة صحيحة جديدة و تعبيد طريق صحي نظيف دون عوائق للوصول إلى الغاية المنشودة بأمن صحي غني متكامل المنظومات.
إذا ما راجعنا تاريخنا الصحي بنظرة مجردة فسنلاحظ كلاسيكية العمل الصحي و روتينيته دون تَمَيُزٍ و بريق و دون تطوير مُلْفِت أو تخطيط مستقبلي مُلّْهِم.
تلك الرياح الكورونية التي عرت ما قد أُخْفِيَ و سُتِر من ترحيل للمشكلات و عدم مواجهتها و الإِكتفاء بالحلول المؤقتة التي تَسُد الرمق دون الوصول لغاية الإِرتواء.
فعلى سبيل المثال لا الحصر اكتفت الإدارات المنبثقة عن الوزارة بتحويل المرضى إلى أخوات وزارة الصحة بحجة عدم توفر الأسرة و على مدار سنين متعاقبة كانت ترفض مواجهة المشكلة و حلها بتوسيع البنية السريرية داخل كل مستشفى و العمل على إنهاء يوم كسائر الأيام دون الحيلولة لتجديد أو تطوير مع العلم أننا نمتلك القدرة و المهارة لتجنب جزء ليس بالبسيط من تلك التحويلات التي أرهقت ميزانية وزارة الصحة و شتت أولوياتها. فهنا الحبكة ليست بالسرير إنما بمهارة و حسن التدبير.
و على خط متوازٍ من نقص الأسرة كانت و ما زالت مشكلة نقص أطباء الاختصاص من أهم أسباب تلك التحويلات فاكتفت إدارات وزارة الصحة لفترة ليست بالقصيرة أيضا بحل التحويلات و أصبحت وزارة الصحة بمستشفياتها المتعددة مرحلة مرورية و ليست حلا نهائيا للعديد من المرضى.
خرجت فكرة شراء خدمات بعض الفنيين النادرين من أطباء إلى روح التفعيل من فترة ليست بالبعيدة و هنا أريد الإشارة إلى أنها مرحلة مؤقتة و ليست بالدائمة لحين خلق كفاءات متعددة و ليست منفردة في كل مجال من رحم وزارة الصحة و أطبائها فلتكن فكرة شراء الخدمات ليست فقط لغايات معالجة المرضى و إنما لتدريب الأطباء و بث أرواح و همم جديدة في وزارة الصحة.
إذن فإن مشروع شراء الخدمات منطقيا يجب أن يكون في حال عدم توفر تلك الخدمات في وزارة الصحه و لجعلها حاضنةَ كفاءاتٍ و خداجَ مهارات بالتوازي مع تطبيب المرضى و علاجهم.
لكن ما بالك إذا توفرت تلك الخدمات والكفاءات لسنين طِوَال في القلعة الصحية الأولى و عجزت أن تُوَرِثَ مهاراتها و كفاءاتها للجيل الجديد من جنود الأمن الصحي.
هنا و للحفاظ على ألق الوزارة و تجنب شيخوختها وعقمها و عجزها يجب خلق برامج استدامة الخدمات سواء كانت خدمات إدارية أو فنية أو طبية للحفاظ على خصوبة وزارة الصحة.
للأسف فإن برنامج شراء الخدمات يتم توجيهه في بعض الأحيان في غير مكانه و يعتبر في كثير من الأحيان مكافاءات ولاء و هدايا لما بعد التقاعد. فليس من المنطقي و لا المعقول أن يُعَاد و يُجَدَدَ لشراء خدمات أحد موظفي وزارة الصحة بعد تقاعده لعدة مرات علما بأن نوعية العمل الذي يقوم به لا علاقة له بخدمة المرضى أو إجراء عمليات لهم أو بتدريب الأطباء و أن المستوى العلمي لنفس الموظف ليس بأعلى من العديد في نفس الفئة.
نهاية أرجو تطبيق رؤية سيد البلاد جلالة الملك عبدالله الثاني بتطوير العمل العام و حسن إداراته و إبراز دور الشباب المفقود في وزارة الصحة.
كل عام و أنتم بخير
كل عام ووزارتنا العتيدة أقرب إلى الصواب.