التشغيل احد المؤشرات الاقتصادية المهمة التي تعكس مستوى النمو الاقتصادي ومنعة الاقتصاد وقدرته على استيعاب القوى العاملة الجديدة والاحتفاظ بالقوى العاملة القائمة.
وبالنظر إلى مؤشرات الاقتصاد الأردني ووفقا للأرقام المعلنة من دائرة الاحصاءات العامة فإن نسبة البطالة وصلت في الربع الثالث من عام ٢٠٢٠ إلى ٢٣.٩٪ بعد أن كانت ١٩.١٪ في الربع الثالث من عام ٢٠١٩. وبلغت نسبة البطالة بين الذين يحملون شهادات جامعية ٢٧.٧٪ ونلاحظ ان هذه النسب في تصاعد مستمر إزاء عدم وجود تخطيط سليم وبرامج منتقاة للحد من هذا الارتفاع الذي يعني مزيدا من الفقر والجوع وتهيئة الأجواء لارتكاب الجريمة وحالات الانتحار والانحراف إلى تعاطي المخدرات وغيرها في محاولات بائسة للخروج من مأزق الفراغ.
صحيح ان أزمة كورونا اثرت على قطاع العمل بشكل مباشر ولكن أزمة البطالة قائمة قبل هذه الجائحة وتمتد سنويا في توسع أفقي وعمودي وتفتك بالشباب الأكثر حساسية لعدم وجود وظائف لهم.
والحقيقة ان هناك كثير من الشبان فقدوا وظائفهم بسبب تداعيات أزمة كورونا واخرون خفضت رواتبهم وان هناك منشآت اغلقت بالكامل ومما زاد الطين بلة عودة كثير من المغتربين إلى الاردن بعد أن فقدو وظائفهم في البلدان المستضيفة لهم. وهنا علينا الاستفادة من تجارب الدول التي خففت من آثار الجائحة على قطاع العمالة من خلال دعم المنشآت المتضررة بالمساعدات المالية حتى تبقى واقفة على قدميها وتستطيع ان تدفع رواتب العاملين فيها دون اللجوء إلى تسريحهم.
ان عملية الحد من البطالة وتداعياتها واضرارها بحاجة إلى تخطيط شامل بدءا من إحصاء فعلي للعاطلين عن العمل ومعرفة الأسباب وراء ذلك وصولا إلى وضع برامج فاعلة لتشغيل الشباب من خلال تشجيع التدريب المهني ضمن خطة تقدم من خلالها المساعدات المالية والتدريب المجاني وإعطاء قروض ميسرة لاقامة المشروعات الصغيرة.
ومن الأهمية بمكان ان تتولى وزارة العمل بالتنسيق مع المؤسسات والدوائر ذات العلاقة والقطاع الخاص لتصميم برامج تدريبية على إدارة المشاريع الرقمية خاصة وان الانترنت أصبح جزءا لا يتجزأ من عالمنا المعاصر وقد ظهرت أعمال جديدة تواكب هذا التطور حيث أصبحت الشركات تعتمد في تسيير أعمالها على برمجيات متقدمة لإدارة مختلف جوانب المؤسسة وتطبيق المعرفة والمهارات والأدوات والتقنيات على انشطة المشروع وتلبية متطلباته ويندرج تحت مسمى المشاريع الرقمية تصميم وتطوير المواقع الإلكترونية وتصميم وتطوير تطبيقات الهواتف المحمولة وكتابة المحتوى الرقمي والتجارة الإلكترونية وتحسين محركات البحث وإدارة الحملات على منصات التواصل الاجتماعي وادارة حملات التسويق وغيرها.
ان التخطيط للتشغيل بوسائل غير تقليدية وتدريب الشباب على هذا النمط من المشاريع سيكون له دور فاعل في الحد من البطالة وآثارها السلبية على الاقتصاد والمجتمع.