نشميَّة:
اعتلى صَهوة جواده، غَرَّبَ بعيدًا، تَراءت له مَلامحُ "اليرموك" و"طبريَّة"، اقتربَ له المكان، تغيَّر وجهُ الأرضِ؛ اغبرَّ، قَبُح. تغيَّرت سَحْنتُه، لوَّحته الشَّمسُ أكثر، هناك صَبيَّة -لعلَّها من حفيدات "موزة" أو "بندر"- تراقبُ من قُربٍ، رآها، حيّاها..:
- يا (النَّشميَّة)!
- يا (عونك)!
- ما بالُ النَّشامى غَبروا؟
- (أشارت) هم أولاءِ على ظُهور الخيل!
- لكنَّ وجوهَهم لا تُشبهنا..؟!
- وجيادُهم غيرُ جيادكم.
عاصمة:
منذُ صغرِه حَرَص عليه سيّدُه (والدُه) أنْ ينشأ نشأة ذاتَ ثلاثِ شُعَب: أخلاقٍ، وعِلمٍ، وبيانٍ. صُنِعَ على عينه، علَّمه كلَّ خُلُق نبيل، ابتعد به عن سَفسافِ الأمور وبُنيّات الطَّريق، شبَّ على مكارمِ الأخلاق، رَضَع الفَصاحة، انطلقَ لسانُه فصيحًا بليغًا، مارس الكتابة في رَأَد الضُّحى...، غدا -فيما بعدُ- صاحبَ قلمٍ رصينٍ في مسائلِ العلم، وعبارةٍ نديَّة في المُثاقفات والمراجعات. أكمل مرحلته الجامعيَّة الأولى، والسَّعدُ حليفُه، تَصدَّر للثانية بإمكاناتِ الباحث العلميّ وأدواتِه الرَّصينة، قدَّمَ مَزهوًّا لأستاذه مجموعةَ أوراقٍ، انتظرَ قراءتَها صَبْرَ أيّوب، راجَعَه، دَفَع إليه أوراقَه، نَظرَ فيها، قرأ، أعادَ، ثمَّ قرأ:
- "إذا كنتَ تَكتبُ كلامًا في قضايا العلم، وآنستَ من نفسِك في إبَّان ذلك الارتياحَ، ومن قلمِك الطَّواعيةَ، ووجدتَ الكلامَ ينثالُ عليك انثيالًا في غيرِ كَدٍّ أو نَصَب- فاعلم يقينًا أنَّك تكتبُ كلامًا فارغًا".
شُموخ:
وإذْ يئسَ أبرقَ إليها رسالةً تَلينُ لها الصُّخور الصّماء، تَهبطُ من خشية الله:
- "والكاظمينَ الغيظ، والعافينَ عن النَّاس، والله يحبُّ المُحسنين".
ذلك أنَّه كان كَتبَ إليها يُثير نَخوتَها وشُموخَها، حتى لا يَضيع حقُّه في الوظيفة..؛ فجرحَ مشاعرَها، فتَلوَّن وَجهُها، فنَفَرتْ منه أَسِفةً، وكادت مِن وقع الصَّدمةِ يُغمى عليها. غدا يَعتذر؛ تغيَّا أن يُهدّئ من رَوْعها، ويُخفّفَ من صَدمتِها، هاتَفَها، صَدَّته..، انكفأ على عَقبيه، لكنَّه لم ييأس؛ عاد يُراسلها، وأعلمَها أنَّ حفظَ الجميلِ أدبٌ جميل، لكنَّها لم تَغفر زلَّته، ولم تُقلْ عَثْرته..، ولم تَنفعْ معها حيلةٌ.
حاتم سيف:
نعى social "حاتم علي"، فعزَّى media: "وليد سيف".