مئوية التحديات وكيف حفظ الهاشميون الوطن؟
د.مهند مبيضين
31-12-2020 12:15 AM
ندخل العام الجديد، مع بدء التحضير للمئوية الجديدة في عمر الدولة، وفي المئة عام المنقضية من الانجاز الكثير والكبير، حيث اقام الهاشميون مع ابناء البلاد، ومن فاء او هاجر أو جاء طوعاً للأردن، بلداً ظل عصياً التحديات، ويقدم الكثير، ويحمي ويكرم كل من يطلب في دار اقامة وملاذ.
نعم، كان الأردن في مرمى نيران الاصدقاء، وفي طموح البعض لضمّه، أو قضمه، أو إلغاء وجوده، لكن الأردن ظلّ يرد للشرق صباه، ويسجل أوراق وجوده بالبناء الوطني وتعزيز المؤسسات والثقة بها والاستمرار بنهج الهدوء وعدم المزاحمة.
كانت عُقدة العرب من قادة الأنظمة العربية التقديمة وغير التقدمية، كيف صمد الاردن، وكيف ضَمن البقاء؟ وكيف انجز في ظل محدودية موارده؟ وكانت بعض الأيدولوجيات تنعت الأردن بالوطن العميل والوطن الوظيفي، وظلت السردية والرواية عن الاردن متلبسة ربما حتى اليوم، ولم يشأ الهاشميون صناعة تاريخ خاص بهم، ولا الانفصال عن تاريخ أهل البلاد، بل قدموا الاردن فوق كل اعتبار، فكانت حكومتهم الشرق العربي وكان جيشهم عربيا بالاسم والمعنى حتى اليوم.
وكان الجواب على التشكيك والتخوين، عبر فعل قيادتنا الهاشمية دوما، هو بالعودة للإنسان واحترام حرمة النفس ورفض الدم، والسعي بالخير لما فيه البلاد والعباد.
قامت في الأردن حركة عربية في الأردن نهضت بتأسيسه من قبل نخبة عربية مطلع القرن العشرين ومع تأسيس الإمارة، وقامت معارضة وطنية محترمة، احترمها الهاشميون وأقروا بها، ولم يرفضوها، لكن للأسف رفضها المؤرخون والقائمون على مشاريع بعض الوثائق.
كانت المعارضة والحكم الهاشمي يحترمان بعض، وكان بلاط الملك المؤسس، مؤسسة ثقافية، واستمر الحال لاحقا، مع الملوك الهواشم، الذي ادركوا أهمية العلم، فأسسوا بيوت العلم والجامعات، بديلاً موضوعياً لخلق التغيير في حياة الناس عبرها لا عبر الانقلابات او الوعود الطائشة والتي اعتادتها شعوب المنطقة.
كفل الحكم الهاشمي للوطن، بقاءً آمناً، وكفل له الاحترام في المحافل الدولية، واليوم حجم الأردن المعنوي ربما هو أكبر من حجم الثروة التي يملكها مادياً او مساحة جغرافية.
نعم لدينا نحو اربعين مليارا دين، لكن لدينا اربعون جامعة وكلية جامعة، عقولها تساوي اكثر بكثير حجم الدين، ولدينا مستشفيات ومدارس بقيمة مضاعفة.
والثقة بالوطن وقيادته عالمياً كبيرة. والاحترام للإنسان الأردني موجود أينما حلّ وقرّ، والأردن بلد الإقامة المفضل للفلسطيني والعراقي والسوري واليمني والحجازي والمغربي، هكذا بدأنا مطلع القرن العشرين قاعدة تحرر، وهكذا نحن اليوم بعد مئة عام، كما قال الراحل حبيب الزيودي: «وإذا تبَدلت الأيام حِنّا ما تِبَدلنا».
الدستور