بوتين وأردوغان .. الصديقان اللدودان !
د.أحمد بطاح
30-12-2020 10:27 PM
في عام 2002 ظهر على مسرح السياسة الدولية زعيمان كبيران في بلدين مُهمين هما: فلاديمير بوتين في روسيا الاتحادية، ورجب طيب أردوغان في تركيا، ومن المُلفت للانتباه أنهما تعاطيا مع السياسة الدولية بأشكال مختلفة توافقا فيها أحياناً إلى حد التحالف (في سوريا مثلاً)، واختلفا فيها أحياناً أُخرى إلى حد الصراع غير المكشوف (في ليبيا مثلاً)، بحيث يجوز للمحلل أن يقول إنهما صديقان لدودان حقاً، والواقع أن ثمة مشتركات تجمع هذين الزعيمين ولعلَّ أهمها :
أولاً : أنهما عملا كمنقذين لبلديهما، فقد ظهر بوتين على أثر سقوط الاتحاد السوفيتي في عام 1990، ولا يُنكِر أيَّ مُنصِف أنهُ استطاع أن ينقذ بلده (الذي أصبح روسيا بعد تحلل الاتحاد السوفيتي) وإلى الحد الذي عادت فيه روسيا قوة دولية يُحسب لها كُلّ حساب وتقارع القوة الكونية الوحيدة في العالم اليوم وهو الولايات المتحدة، وفي تركيا ظهر أردوغان والبلاد مازالت تُعاني من أزمة اقتصادية فائقة انعكست على مُجمل وضعها في الإقليم وفي العالم، أما الآن فتركيا تُعدّ من البلدان الناهضة حيث تبوأت الرقم السادس عشر من الاقتصاديات العالمية فضلاً عن أنها تُصَنِع 70% من احتياجاتها الدفاعية، وتتصرف بقوة ونِدِّية مع الاتحاد الأوروبي بل ومع أمريكا .
ثانياً : أنهما يمارسان سلطوية غير خافية ولكنّها مُظللّة بديمقراطية ليبرالية مضبوطة، وقد أقدم كل منهما على تغيير دستور بلاده لكي يظل في الحُكم، وتبادلا مواقع رئاسة الوزراء ورئاسة الجمهورية أكثر من مرة، فقد شغل بوتين موقع رئيس الوزراء عند انتهاء فترته كرئيس ثُم عاد رئيساً بعد ذلك، كما شغل أردوغان موقع رئيس الوزراء في بلاده ثم شغل موقع رئيس الجمهورية عندما قام بتغيير النظام السياسي من نظام برلماني إلى نظام رئاسي !
ثالثاً : أنهما معاديان للغرب ولكن كلٌ لأسبابه، فبوتين ما زال يعتبر أنّ بلاده قوة عالمية تنافس الولايات المتحدة (على الصعيد العسكري على الأقل !) ولذا فهو ينافسها في كثير من المواقع، وأردوغان - وبرغم عضوية بلاده في حلف الناتو - بدأ يحاول التفلت من الهيمنة الغربية وبالذات الأمريكية وإلى الدرجة التي جعلت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يفرضان عقوبات على تركيا وهي العضو المُهم في حلف الأطلسي، والطامح إلى دخول الاتحاد الأوروبي .
رابعاً : أنهما سياسيان المعيان أدركا مصالح بلديهما وأدار خلافتهما بكل ذكاء وبحيث يخرج كلٌ منهما رابحاً فقد توافقا على مصالح مشتركة في سوريا رغم دعمهما لأطراف متصارعة (روسيا مع النظام السوري وتركيا ضده)، وفي ليبيا (روسيا مع الجنرال حفتر وتركيا مع حكومة الوفاق) وفي أذربيجان (روسيا مع أرمينيا وتركيا ضدها)، وفي أوكرانيا (قامت روسيا بضم شبه جزيرة القرم وتركيا لم تعترف بذلك وتعارض الضم) أليسا صديقان لدودين بالفعل !