من المتوقع أن تعلن الحكومة قبل نهاية هذا الأسبوع حزمة من القرارات للتخفيف من إجراءات الحظر المتبعة منذ أشهر لاحتواء وباء كورونا. وتتجه النية، لإلغاء حظر يوم الجمعة، وتقليص ساعات الحظر الليلي ساعة واحدة لأول أسبوعين من العام الجديد، ثم لساعتين.
ومن المرجح أيضا إعادة النظر بدوام المدارس في الفصل الثاني بحيث يسمح لطلبة المرحلة الأولى بالعودة للمدارس، فيما يطبق نظام الدوام بالتناوب لباقي المراحل.
المتغير الوحيد الذي يغري الحكومة بهكذا خطوات هو انخفاض أعداد الاصابات المسجلة يوميا، ناهيك عن ضغوط قطاعات اقتصادية وتجارية تضررت جراء الحظر.
ويمكن هنا أن نضيف عاملا ثالثا يتمثل بقرب وصول الدفعة الأولى من لقاح” فايزر” للمملكة، وقد أعلن وزير الصحة أول من أمس أن مليون لقاح ستصل الأردن مع نهاية الشهر المقبل على الأرجح.
لكن من الصعب التعويل على اللقاح في هذه المرحلة للحد من انتشار الفيروس، وانخفاض أعداد المصابين ليس أمرا ثابتا، في حال عدم الالتزام بالإجراءات الصحية المتبعة، ولذلك من غير المستبعد أبدا العودة لسياسة الإغلاق والحظر إذا ما سجل ارتفاع في الاصابات خلال الأسابيع المقبلة.
لتجنب هذا الخيار القاسي وغير الشعبي، يتعين العمل وبموازاة تخفيف إجراءات الحظر، على تشديد المراقبة على ارتداء الكمامات، ومنع التجمعات غير الضرورية واستمرار العمل بأمر الدفاع القاضي بمنع تجمع أكثر من عشرين شخصا. كما ينبغي التأني في فتح قاعات المناسبات، وعدم السماح بتنظيم احتفالات أو فتح بيوت عزاء، قبل وصول اللقاحات لأكبر شريحة اجتماعية ممكنة.
الانتكاسة ستكون صعبة على الجميع، خاصة مع اكتشاف سلالات جديدة من الفيروس أسرع انتشارا، والعودة لإجراءات الحظر لن تكون عملية مستساغة شعبيا، ولذلك ينبغي البقاء في حالة من التيقظ الدائم، ومواصلة حملات التوعية الاعلامية من مخاطر الفيروس، وعدم التراجع في هذه المرحلة عن العمل بقانون الدفاع، لمنح رئيس الوزراء فرصة التحرك السريع في حال تفشي الوباء من جديد.
المهم في هذا الوقت، منح القطاعات الاقتصادية والخدمية الأساسية حرية الحركة والعمل، لتعويض الخسائر الناجمة عن الإغلاقات، وتحريك عجلة النمو الاقتصادي، دون التضحية بالأولويات الصحية، والتي بدونها سيواجه الاقتصاد ضربة أشد إيلاما من سابقتها.
إن المواءمة الدقيقة بين المصالح الاقتصادية والعناية الصحية تتطلب مقاربات ذكية وحذرة تضمن تحقيق الهدف بأقل قدر من الخسائر.
ولضمان خروج أسرع من الحالة الرمادية هذه، ثمة حاجة لبذل جهد أكبر لتحصيل أكبر عدد ممكن من اللقاحات قبل نهاية فصل الشتاء، وتوزيعها على المواطنين، فالوصول إلى حالة المناعة المطلوبة، هو الضمانة الوحيدة للتخلي عن التدابير الوقائية وسياسة الحظر والإغلاق.
عملية التطعيم ليست سهلة على الإطلاق وتتطلب جهودا كبرى وتجهيزات لوجستية وفنية غير مسبوقة، وقد شهدنا تجارب دول كبرى حاليا تحشد كل طاقاتها لتنفيذ واحدة من أكبر عمليات التطعيم في التاريخ. السلطات الصحية تؤكد جاهزيتها لتنفيذ العملية على مراحل، لكن ذلك يتطلب التدقيق والمتابعة الحثيثة حتى لا نتعثر في الميدان ونخسر فرصة الخروج المبكر من دوامة الوباء.
الغد