يُعرف الكذب بانه تزييف الحقائق جزئياً أو كلياً أو خلق روايات وأحداث جديدة غير حقيقية، بنية وقصد الخداع لتحقيق هدف معين، قد يكون مادياً ونفسياً واجتماعياً أو التشبث بمنصب غير مستحق، وهو عكس الصدق، والكذب فعل محرم في اغلب الأديان، الكذب قد يكون بسيطاً ولكن إذا تطور ولازم الفرد فعند ذلك يكون الفرد مصاب بالكذب المرضي، وقد يقترن بعدد من الجرائم مثل الغش والنصب والسرقة والأذى للآخرين لضمان البقاء..!، وقد يقترن ببعض المهن أو الأدوار مثل المدراء والرؤساء والدبلوماسيين أو الحرب النفسية الإعلامية، او غايات شخصية او غيرها لكسب مصالح وإيهام المسؤول الأعلى أو الناس بالنجاح للتغطية على الإخفاق والفشل.
ومصيبة المصائب إمتهان الكذب ممن ولي أمر الناس، فتراه يكرر أكاذيب ويسوقها على أنها حقيقة، والمصيبة عندما تصاحب الكذبة ابتسامة صفراء، وكأنه يعرف أنه يكذب، للإسف نماذج يمتهنها البعض ولا يخجلون من تكرار الكذب، وتحضرني مقولة إبراهام لينكولن:يمكن أن تخدع كل الناس بعض الوقت، وبعض الناس كل الوقت، لكنك لن تستطيع خداع كل الناس كل الوقت… !نعم فالكذب حباله قصيرة كما نقول في امثالنا الشعبية، ولا يخفى على أحد أن الكثير من مصائبنا وتأخرنا عن ركب التقدم مرض الكذب لدى بعض المسؤولين، وتزييف الحقائق، والظهور بمظهر الورع والتقى والناجح، وبداخله يفعل كل الموبقات ويصاحبه الفشل في كل شيء والنتاجات واضحه للجميع، أقول هذا وأنا أسمع بعض المسؤولين يسوق نفس الكذب منذ سنوات، ولو احضرت تصريحاته منذ سنوات لوجدتها نفسها وأن الأمر اصبح مرض يمارسه ليجمل ويسوق نفسه، وللأسف أصبح الأمر مدعاة للإشمئزاز واستخفاف بعقول الناس، والمضحك المبكي النسج المسرحي للكذب والأسئلة المعدة مسبقا في المقابلات، ووصول الكاذب إلى درجة تصديق ما يخترعه من اكاذيب وعرضها بثقة الصادق.
يجب على كل مسؤول ان يتعلم الصدق وأن لا يكذب، وأن يكون واثقا من نفسه، ويحتمل النقد لأنه أساس التغيير، فنقد أداء الأشخاص لا يعني نقد المؤسسات، لكن المسؤول الضعيف المهزوز، عند تعرضه للنقد، يختبئ تحت عباءة المؤسسة أو الوطن ليحمي نفسه، ويحاول تسويق وإلصاق التهم بالناقد أنه معول هدم وجاحد ويجلد ذاته، لنتعلم أن كل مؤسسات الوطن مصانة وهي مصدر فخر لنا جميعاً، ولنبعدها عن أمراض الكذب التي تنخرنا، النقد للمسؤول بمهمته وادائه مصان بالدستور ويجب أن يشعر كل مسؤول بالرقابة والمسؤولية وأنه تحت المحاسبة والمسائلة، مصيبتنا بكثرة المنافقين المتنفعين والذين يزينون للمسؤول كذبه وفشله، فيصبح كما يقولون في عاميتنا (مقطف كذب)، والمصيبة أن يمتهن مقولة جوزيف غوبلز، بوق الإعلام النازي وذراع هتلر القمعية ضد حرية الفكر والتعبير: "اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس". لكن هذه المقولة أضحت مستهلكة وبائدة في القرن الحادي والعشرين، حيث سيطر الإنترنت والفضائيات ووسائل التواصل التي اصبحت متاحة للجميع، ويأتيك مسؤول منتشي بكذبه ويريد أن يصنع من الفشل نجاحاً، وهو لا يعلم أن كل كذبة يكذبها تدق مسماراً في نعش تقدم مؤسسته والوطن… حمى الله الأردن من كل كاذب.