نحو مائة صحفي التقوا في المؤتمر الوطني الأول للإعلام ، الذي دعت إليه ونظمته نقابة الصحفيين الأردنيين ، بمشاركة عدد من الضيوف ذوي الخبرات القانونية والإعلامية والسياسية ، الذين قدموا أوراقاً ، وترأسوا جلسات ، وشاركوا في المناقشات.
كما هو معروف ومتوقع ، فإن الصحفيين الأردنيين قد يشكلون عائلة واحدة تجمعهم مهنة المتاعب ، ولكنهم ليسوا أعضاء في حزب واحد ليكون لهم رأي موحد تجاه مختلف القضايا المطروحة ، فالآراء والمواقف متنوعة ومختلفة ، وفي كثير من الأحيان متناقضة ، لأنها تنبثق عن خلفيات ومدارس فكرية متعددة ، وأحياناً عن مصالح شخصية مباشرة.
لا يستطيع المراقب أن يحكم على اتجاهات عامة للصحفيين من خلال مجريات المؤتمر ، فالذين كانوا يشاركون في المناقشات وقدموا مداخلات هم أنفسهم في كل جلسة ، في حين أن الأغلبية الساحقة كانت تفضل الاستماع والاحتفاظ بآرائها لنفسها أو ادخارها لمقالات قادمة.
من هنا فإن القائمين على المؤتمر يرتكبون خطأ إذا قرروا إعداد توصيات محددة تصدر باسم المؤتمر ، وكأن هناك إجماعاً أو أغلبية تتبنى رأياً دون آخر ، أو كأن تصويتاً جرى لأخذ التوصيات أو إقراراها بالطرق الديمقراطية وليس بالأصوات العالية.
كان من الطبيعي أن يبدي البعض إعجابهم بالتطورات الإيجابية في تعديلات قوانين الحريات وارتفاع السقف ، في حين يتذمر البعض الآخر من غياب الديمقراطية وهبوط السقف.
وكان هناك من يريد من الحكومة أن تدعم الصحف بالاشتراكات والإعفاءات ، ومن يطالبها بكف يدها وعدم التدخل فيها.
وهناك من يرى أن المدونة التي أصدرتها الحكومة كانت إنجازاً يسجل لها ، وضعت الأمور في نصابها. وهناك من يرى أن المدونة كانت طعنة للصحافة ومحاولة لخنقها مالياً.
أما المواقع الإلكترونية ، التي تجاوز عددها 104 مواقع ، فقد رأى فيها البعض انفلاتاً يستوجب التدخل بالتنظيم والتقنين والمحاسبة ، ورأى فيها البعض الآخر نموذجاً للحرية الصحفية والسقف العالي.
أما القوانين الناظمة للعمل الصحفي فقد رأى فيها البعض توجهاً حميداً للمزيد من الحرية والديمقراطية ، ورأى فيها البعض الآخر سيفاً مسلطاً على رقاب الصحافة والصحفيين.
هذا التعدد طبيعي وصحي ، والمطلوب المزيد منه ، شريطة أن يظل بمثابة اجتهادات تعددية ، لا يدّعي أي منها أنه يمثل المؤتمر أو الجسم الصحفي.
عن الراي.